خطر الإشاعة
الحمد لله مبدع الكائنات، وبارئ النسمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جزيل العطايا والهبات، وواهب الخيرات والبركات، أمر بالصدق وحرّم الأكاذيب والشائعات، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمدًا عبد الله ورسوله، النبي المصطفى، والرسول المُجتبى، والحبيب المُرتَضَى، بلَّغ رسالة ربه فما ضل وما غوى، (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى)[النجم:3، 4]، صلى الله عليه وعلى آله أنوار الهدى، وصحبه مصابيح الدُّجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
عباد الله ، خير الوصايا وصيّة رب البرايا، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ)[النساء:131]، فاتقوا الله رحمكم الله، فبالتقوى العصمة من الفتن، والسلامة من المحن.
أحبتي في الله
منذ أن خلق الله الخليقة وُجِد الصراع بين القوى، صراعٌ يستهدف أعماق الإنسانية، ويؤثر في كِيَان البشرية، وإذا كانت الحروب والأزمات والكوارث والنكبات تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبناؤه، فإن هناك حرباً سافرة مستترة وهي أشدّ ضراوة وأقوى فتكا، لأنها تستهدف الإنسان من حيث عُمقُه وعطاؤه، وقيمُه ونماؤه، أتدرون حفظكم الله- ما هي هذه الحرب القذرة؟! إنها حرب الشائعات.
والشائعةُ مِن شاع الخَبَرُ، إذا ذاع وانتشر. ففيها معنى الانتشار والتكاثر، وقد تعددت الأقوال في بيان حقيقتها وبيان مفهومها وتحديدها، فقيل: هي نبأ مجهول المصدر، سريع الانتشار، ذو طابع استفزازي في الغالب. وقيل: هي معلومة ضَالَّة مُضَلِّلة تَصْدُر من فردٍ، ثم تنتقل إلى أفراد، ثم إلى المجتمع، فهي محمولة على الضلال، وهي مجموعة أخبار مُلَفَّقة تعمل على نشر الفوضى بين الناس. وأقرب ما قيل في بيان مفهوم الشائعة وتحديدها ومفهوم حقيقتها أنها أقاويل وأخبار يتناقلها الناس بقصد الإرجاف، صحيحةً كانتْ أو غيرَ صحيحةٍ.
أحبتي في الله :
لقد ابْتُلِي أناس بتلقف الروايات وافتعال الأحاديث في هذا الزمن بشكل لافت للنظر والانتباه، وقد ساعد على انتشار الشائعات في وقتنا الحاضر تَنَوُّع الوسائل وتَعَدُّدها عن طريق البثِّ المباشر بوسائله المختلفة، بحيث تصل الشائعة إلى مَن وُجِّهت إليه في زمن قياسيٍّ،والشائعات من أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميراً، وأعظمها وقعاً وتأثيراً، ولها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية.
ومما لاشك فيه فإن لانتشار الشائعات أسباب ودوافع يمكننا أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر لئلا يطول بنا المقام ما يلي :
اتباع الهوى :والمقصود بالهوى هوى النفس الأَمَّارة بالسوء ثم الجهل بعواقب الأمور، ثم النفاق الذي هو سبب الويلات والنكبات، فما من فتنة إلا وكان للمنافقين يد فيها، وما حادثة الإفك من ذلك ببعيد، وهي خير شاهد على ذلك.ويلي ذلك الفراغ وهو يؤدي بلا شك إلى ترويج الشائعات بطرق ووسائل مختلفة، اهمها وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت والهاتف النقال ويكون ذلك بغرض التسلية والتهكم دون أن ننسى الشعور بالكراهية للآخرين وخاصة ممَن لهم نفوذ ومكانة في المجتمع ، اذ يعمل مُرَوِّج الشائعة على نشرها من باب الكراهية والبغضاء لذلك الإنسان ذي النفوذ حتى يسيء إلى سمعته بين الناس، وذلك لِمَا يَرَى عليه من نِعَم الله من المكانة والمنزلة، وهذا يعد من باب الحسد على هذه النعمة.
وخلاصة القول فهذه الأسباب يجمعها سبب واحد، وهو ضعف الوازع الديني، لأن الإيمان متى وَقَر في قلب العبد فإنه لا يرضى بأذية لأخيه المسلم، فالإيمان يُرَبِّي صاحبه على الأخلاق الفاضلة.
احبتي في الله ، إن المستقرئ للتأريخ الإنساني سيجد أن الشائعات منذ فجر التأريخ وهي تمثّل مصدر قلقٍ في البناء الاجتماعي، والانتماء الحضاري لكل الشعوب والبيئات.ولما جاء الإسلام اتخذ موقفا حازما منها ومن أصحابها لِما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية، على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه، وسلامة لُحْمته، بل لقد عدّ الإسلام ذلك سلوكا منافيا للأخلاق النبيلة، والسجايا الكريمة، والمُثل العليا، التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا الغراء .إخوة الإيمان،
منذ فجر التأريخ والشائعات تُنشب مخالبها في جسد العالم كله ولم يسلم منها حتى بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكم في حادثة الافك المثال الواضح والصريح ولن نكون مبالغين اذا قلنا إن ما واجهه النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الحادثة ، هو حدث الأحداث في تاريخه -عليه الصلاة والسلام- فلم يمكر بالمسلمين مكر أشد من تلك الواقعة، التي هزت بيت النبوة شهراً كاملاً، بل هزت المدينة كلها،و كلف هذا الحادث أطهر النفوس في تاريخ البشرية كلها آلاماً شديدة، وكلف الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل، وعلق قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقلب زوجه عائشة التي يحبها، وقلب أبي بكر الصديق وزوجه، وقلب صفوان بن المعطل شهراً كاملاً، علقها بحبال الشك والقلق والألم الذي لا يطاق.
وفي هذا الحديث ربى الله المؤمنين تربية شديدة، ووعظهم موعظة عظيمة، وهو الحكيم الخبير, يقول الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (11) سورة النور.
فهم ليسوا فرداً ولا أفراداً إنما هم عصبة متجمعة ذات هدف واحد، ولم يكن عبد الله بن أبي بن سلول وحده هو الذي أطلق ذلك الإفك، إنما هو الذي تولى معظمه، وهو يمثل عصبة اليهود أو المنافقين الذين عجزوا عن حرب الإسلام جهرة,وبدأ السياق ببيان تلك الحقيقة ليكشف عن ضخامة الحادث، وعمق جذوره ثم سارع بتطمين المسلمين من عاقبة هذا الكيد: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (11) سورة النور. فهو يكشف عن الكائدين للإسلام في شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته, وهو خير أن يكشف الله للجماعة المسلمة بهذه المناسبة عن المنهج القويم في مواجهة مثل هذا الأمر العظيم.
أما الذين خاضوا في الإفك، فلكل واحد منهم بقدر نصيبه من تلك الخطيئة: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} (12) سورة النور.
وحادثة الإفك عباد الله لمن لم يسمع بها ، وقعت في وقتٍ كان المسلمون فيه على موعدٍ مع العدوّ في إحدى الغزوات ، حيث خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم -في جيشه مصطحباً معه عائشة رضي الله عنها ، وفي طريق العودة توقّف الجيش للراحة والنوم ، وجلست عائشة رضي الله عنها في مركبها تترقّب لحظة المسير ، وتلمّست عنقها لتكتشف أنها أضاعت عقداً لأختها كانت قد أعارتْها إياه ، فما كان منها إلا أن نزلت من مركبها لتبحث عنه في ظلام الليل ولم تكن تدري أن المنادي قد آذن بالرحيل وأن الجيش قد انطلق وتركها وحيدة في تلك الصحراء الموحشة وما أن وجدت العقد حتى عادت مسرعة لتلحق بركب الجيش ولكن الوقت فات وفي هذه الأثناء ، كان صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه يسير خلف الجيش ليحمل ما سقط من المتاع فنزل عن راحلته وطلب منها أن تصعد ، ولما ركبت الناقة انطلق بها مولّيا ظهره لها ، حتى استطاع أن يدرك الجيش في الظهيرة ولم تمضِ سوى أيام قليلةٍ حتى انتشرت في المدينة إشاعاتٌ مغرضة وطعوناتٌ حاقدة في حقّ عائشة رضي الله عنها روّجها ونسج خيوطها زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – فكان وقعها عليه شديداً، وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض وطال انتظار النبي – صلى الله عليه وسلم – للوحي وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم ومعها امرأة من الأنصار ، فجلس النبي – صلى الله عليه وسلم – وتشهّد ثم قال :
( أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه ) ، فلما سمعت قوله جفّت دموعها ، والتفتت إلى أبيها فقالت : ” أجب رسول الله فيما قال ” فقال : ” والله ما أدري ما أقول لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” ، ثم التفتت إلى أمّها فكان جوابها كجواب أبيها ، وعندها قالت :” لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم أني منه بريئة – والله يعلم أني منه بريئة – لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر – والله يعلم أني منه بريئة – لتصدقنّني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف حين قال :{ فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ( يوسف : 18 ) وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ، فقال تعالى :{إِن الذين جاءوا بالإفك عصبَة منكم لا تحسبوه شَرا لكم بل هو خير لكم لكل امرِئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم }( النور : 11 ) وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول – صلى الله عليه وسلم – فرحاً ، فقال لها :
( أبشري يا عائشة ، أمّا الله عز وجل فقد برّأك ) ، وقالت لها أمها : ” قومي إليه ” ، فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومحبته لها :” والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عز وجل ”
ارأيتم عباد الله حتى المصطفى عليه الصلاة والسلام لم يسلم من أدى الإشاعة ولم يسلم بيته الطاهر منها ولولا الألطاف الربانية لحدث ما لم يكن في الحسبان .
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان حليما غفوراً.
الخطبة الثانية:
الحمد لله نور السماوات والأرض، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين.أما بعد:
أحبتي في الله :
ليس الخطاب عن الشائعات هنا مع العدوّ الحاقِد ولا مع العميل المأجور، ولكنّه خطابٌ مع هذا المسلمِ الغافِل حسَنِ الطوية صالحِ النيّة المخلِص لأمته ودياره الذي لا يدرك ما وراء الشائعة ولا يسبُر الأبعادَ التي ترمي إليها تلك الأراجيف.
إن على هؤلاء أن يتّصِفوا بالوعي الشّديد والحصافة في الفهمِ وسلوك مسالك المؤمنين الخُلَّص في اتّخاذ الموقف الحقّ من الشائعات: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (173-174) سورة آل عمران.
وعليهم أن يتأمّلوا التّوجيهاتِ الدّقيقة والخطوات المرتّبة في الموقف من الشائعات والأراجيف التي رسمها القرآن الكريم وبيّنها أوضحَ بيان, ومنها حسنُ الظنّ بالمسلِمين أفراداً وجماعات ممّن تتناولهم الشّائعات: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} (12) سورة النــور.
وتأمّلوا -عباد الله- هذا التطبيقَ العمليّ لهذا التّوجيه الكريم من أبي أيّوب الأنصاريّ وزوجُه –رضي الله عنهما- وقد خاض النّاس في حديث الإفك، فماذا كان شأنهما في تلك الشائعة؟ قالت أم أيوب: يا أبا أيوب، أما تسمع ما يقول الناس في عائشة -رضي الله عنها؟! قال: نعم، وذلك الكذب, أكنتَ فاعلةً ذلك يا أمّ أيوب؟ قالت: لا والله، ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك وأطيب، إنما هذا كذب وإفك باطل.
نعم.. إنّه إحسانُ الظنّ بالمسلمين، وهو الطريق الصّحيح الأقربُ والأيسر والأسلَم والأصدَق.
أحبتي في الله،
إن من أولى الخُطوات في مواجهة حرب الشائعات تربية النفوس على الخوف من الله، والتثبت في الأمور، فالمسلم لا ينبغي أن يكون أذنا لكل ناعق، بل عليه التحقق والتبيّن، وطلب البراهين الواقعية، والأدلّة الموضوعية، والشواهد العملية، وبذلك يُسدّ الطريق أمام الأدعياء، الذين يعملون خلف الستور، ويلوكون بألسنتهم كل قول وزور، ضد كل مُصلح ومُحتسب وغيور.واعلموا حفظكم الله انه يمكننا ان نتجنب الشائعات وان نحمي أنفسنا ومجتمعنا من شرورها وذلك من خلال ما يلي :
صيانة اللسان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»( 17)
فهذا أول علاج للشائعات، وهو علاج نَاجِع يقطع دابرها، ويُطْفِئ نارها، ويميت شَرَّها في مكانه، فإذا وصلت إليك أَمِتْها بأن تحفظ لسانك، ولا تتكلم بها، ولا تَرْضَى لأحدٍ أن يتكلم بها.
الحذر من سوء الظن.إذ الواجب على المسلم أن يعلم أن إحسان الظن بأخيه المسلم واجب، وان إساءة الظن بالمسلمين مُحرَّمة شَرْعًا، قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 12].
التماس الأعذار وحسن النية. فإذا بلغك عن أحد كلام أو سمعته وتوثقت من صحته، فالواجب عليك أن تحمله على أحسن المحامل، وأن تبحث له عن الأعذار، فربما يكون له عذر أو أمور قد احتفت بها القرائن، فيكون لكلامه أو لتصرفه عذر تعذره به، فلا تظن بأخيك شَرًّا، فأنت قادر على أن تحمل كلامه أو فعله على أحد مَحامل الخير.
إدراك خطر الشائعة وضررها.إذا أدركت أخي المسلم فداحة الضرر الذي يقع عليك وعلى المسلمين من تلك الشائعات، أدركت خطرها، وأدركت أنه يجب عليك السكوت والنصح لمن بلغك عنه أمر مستقبح وذلك بعد التأكد والتثبت.
الثقة في المسلمين.أيها الإخوة في الله إذا سمعنا قول الله عز وجل: ﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [سورة الحجرات : الآية 6] وقوله سبحانه: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء : الآية 94] فحينئذ يتوقف المسلم، يتوقف لقوله: ( فَتَبَيَّنُوا). فعندما تنقل كلامًا فيه قال فلان، وقيل كذا، وكتبوا كذا، وأنت لم تتثبت ولم تتبين فعليك أن تتذكر أنك محاسب عند الله عز وجل على ما تتلفظ به، قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق : الآية 18] وقال صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ». (20 )
نسأل الله جل وعلا أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين، وأن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، وألا يشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين، ونسأل ربنا سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصلح ولاة أمورنا، وأن يوفق علماءنا، وأن يجمع شملنا، وأن يؤلف بين قلوبنا، اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار يا ذا الجلال والإكرام،
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك ان تجعل لنا وللمسلمين من كل همٍ فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل بلاءٍ عافية يا قوي يا عزيز.اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين
اللهم وفق ملك البلاد أمير المومنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .
اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة ، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً .. واحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
.اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن كافة الصحابة من المهاجرين والأنصار وعن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة،اللهم انفعنا بمحبتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم، يا خير مسؤول ويا خير مأمول..
اللهم ارزقنا الفقه في الدين، والتمسك بالكتاب المبين، والاقتداء بسيد المرسلين، والسير على نهج أسلافنا الصالحين..
عباد الله:
اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د/عبد الهادي السبيوي