خطبة عيد الأضحى 2017
خطبة عيد الأضحى 2017/1438
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر مالبت الحجيج وعجت، وماتحركت المخلوقات وسكنت.
الله أكبر ماعظمت لله الشعائر، وطاف بالبيت العتيق حاج ومعتمر وزائر.
الله أكبر ما وقف الحجيج بعرفات، وتنزلت عليهم من الله الرحمات.
الله أكبر في كل زمان ومكان، الله أكبر في كل حال وآن.
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم على ذكره.
أما بعد فيا عباد الله، يقول الله تعالى في كتابه الكريم:”إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر”، أي إنا أعطيناك الخير الكثير، ومنه نهر في الجنة، فداوم على الصلاة المفروضة وكذا صلاة العيد، شكرا لله على نعمه، وانحر أضحيتك باسم الله ولله، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم نحر وضحى في حجة الوداع بمائة بدنة، ذبح ثلاثا وستين بيده الكريمة، وأمر سيدنا عليا رضي الله عنه فنحر الباقي من تمام المائة، وقال سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما فيما رواه الإمام الحاكم:” أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلبس أجود مانجد، ونتطيب بأجود مانجد، وأن نضحي بأسمن مانجد”.
أيها الإخوة الكرام، إن هذا اليوم خاتم الأيام العشر، التي عظم الله شأنها وأقسم بها وبالفجر وقال:” والفجر وليال عشر”، وهو يوم الميقات الذي كلم الله فيه موسى تكليما، ويوم عيد الأضحى الأغر، الذي ميز الله فيه الأمة الإسلامية، وفضلها على غيرها تفضيلا يدعوها إلى الاحتفال والسرور، وإظهار مزيد الفرح والحبور، هذا يوم عظيم من أيام الإسلام، يوم تهليل وتكبير وتحميد، يوم إظهار الشعائر بذبح الأضاحي تعظيما لشعائر الله، هذه الأيام أيام تواصل وحب وعطاء، أيام معلومات ذكرها الله أيضا في قوله: “ويذكروا اسم الله على مارزقهم من بهيمة الأنعام”، وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بأنها أفضل أيام الدنيا، كيف لا وقد وقعت فيها أحداث عظيمة لنبي الله سيدنا إبراهيم عليه السلام وابنه نبي الله سيدنا إسماعيل عليه السلام، وسن فيها بسببهما ذبح الأضحية والكثير من أحكام الحج منذ ذلك الزمن القديم، فالسعي بين الصفا والمروة، وتقبيل الحجر الأسود، وشرب ماء زمزم، ورجم الشيطان عند العقبة الكبرى والوسطى والصغرى، ووقوف يوم عرفة، ونحر الأضحية، كلها عبادات سن للمسلمين فعلها بسبب ما وقع في قصة سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وهي أيام اجتمعت فيها أمهات العبادة من صلاة وصيام وصدقة وحج وغير ذلك، وفي هذه العشر الأوائل من ذي الحجة الحرام، ابتدأ تاريخ مكة والحجاز بصفة عامة، مكة المكرمة التي لايزال بناؤها يتجدد ويتوسع إلى أيام الناس هذه منذ ذلك الزمن الغابر.
الله أكبر 3
أيها الإخوة الكرام، للعيد في الإسلام معاني عديدة ويحقق مقاصد كثيرة واحتياجات روحية ونفسية واجتماعية للفرد وللمجتمع، فمن المقاصد النفسية للعيد، أنه يكسر الانطباع الذي تحدثه الأيام الرتيبة في نفس الإنسان، لينطلق بعد العيد في مزاولة نشاطه بنفس جديد، ومن المقاصد الاجتماعية التي يحققها هي كونه يوم الأطفال يفيض عليهم بالمرح والسعادة، ويوم الفقراء يلقاهم الأغنياء باليسر والسعة ويعينوهم ويغنوهم عن السؤال في هذه الأيام، ويوم الأرحام يجمعها على البر والتقوى والتواد والمحبة، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر القرب ودواعي الحب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها فتجتمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض، ولا يمكن أن نتحقق بمعنى فرحة العيد، ولايمكن أن ندرك أفضال العيد إذا كان يوجد فينا ومنا من يقاطع أهله وذويه وأرحامه والمسلمين، فإذا اجتمعنا بأحبابنا وأقربائنا في مثل هذا اليوم الذي جمع الله لنا فيه عيد الأضحى بيوم الجمعة، تصير أعيادنا ثلاثة عوض عيد واحد، ونتحقق بذلكم بقول القائل:
عيد وعيد وعيد صرن مجتمعة وجه القريب ويوم العيد والجمعة
وبالإضافة إلى هذا وذاك فإن لعيد الأضحى معنى من معاني التضحية والفداء التي جسدها نبي الله سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث فدى الله ابنه بذبح عظيم، وهذا فيه رمزية وأية رمزية لأهمية الإنسان في الإسلام، فالإنسان لايمكن أن يقدم قربانا لأي شيء، فيما كل شيء يمكن أن يضحى به في سبيل الإنسان، ومعنى هذا الكلام، أن الإنسان خلقه الله من أجل أن يعيش وأن يكون حرا وأن لايعتدى عليه أو تنتهك حرمته وكرامته، تماما كما وجه الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع التي نعيش ذكراها في هذه الأيام الفضيلة.
الله أكبر3.
أيها الإخوة الكرام، ومادمنا اليوم نعيش يوم عيد الأضحى الأغر، أرى أن أتوقف بكم عند أهم المواقف والمشاهد في قصة سيدنا إبراهيم مع ابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام التي وقعت في مثل هذا اليوم، لنستفيد منها أبلغ الدروس والعظات والعبر. تذكر كتب التاريخ والسير أن سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما أعياه الأمر ولم يجد فائدة من دعوته لقومه، قال فيما يحكيه عنه الله عز وجل:” وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ”، أي إني ذاهب لنصرة دينه حيث أجد من يسمعني ويستجيب لدعائي، وإلا فربُّه موجود معه في كل مكان.
وإن أول مشهد مؤثر في هذه القصة، تجلى في كون سيدنا إبراهيم لم يكن له ولد، وله من العمر ست وثمانون سنة، فدعا ربه قائلا:” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ”، أي: هَبْ لي ذريةً صالحةً مؤمنة تحمل الرسالة من بعدي، تكون نموذجاً إيمانياً يرثني في دعوتي، فأجابه ربه مباشرة بعد ذلك بقوله:” فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ”. وهو سيدنا إسماعيل عليه السلام.
ومن المشاهد التي تستحق التمعن والتوقف هي قوله سبحانه: “فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ”، فالبُشْرى بالشيء تكون قبل وجوده، فوصفه الله بأنه سيكون حليماً وهو ما يزال غلاماً، وذلك يعني بأنه سيجمع الوصفين معاً، لأن الحِلْم عادة ما يتكوَّن لدى الرجل الواعي الناضج الذي يستطيع تقدير الأمور، فالميزة هنا أن يتصفَ الغلامُ بالحِلْم في صغَره. والحليم هو الذي لا يستفزه غضب، ويتحمل الأمور على مقدار ما تطيب به أخلاقه.
ومن هذه المواقف المؤثرة أيضا، هي ظهور حِلْم هذا الغلام في أول اختبار يتعرَّض له بمجرد بلوغه مرحلة السعي وبداية الشباب، حين قال له أبوه: “يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَى”، دققوا في جواب الغلام، وأبوه يريد أنْ يذبحه، “قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ”، هذا هو الحِلْم أيها الإخوة، يتجلَّى في رده الجميل على والده وهو صغير السن في خضم هذا الامتحان الصعب.
ومن هذه المشاهد أيضا، طلب الوالد من ابنه أن يتفكر ويتدبر في أمر هذه الرؤيا بقوله: “فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ؟”، فكأن الصغير في هذا الموقف الصعب مطلوب منه أمران: بر بأبيه، وبرُّ بربِّ أبيه، فبماذا أجاب؟، “قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ”، فقوله: ٱفْعَلْ، برّ بأبيه، وقوله: مَا تُؤمَرُ، برٌّ بربِّ أبيه، ودققوا إنه لم يقُلْ: “افعل ما تريد”، مؤكدا رغم صغَره فهمه لهذه القضية، وإدراكه لهذا الابتلاء. فهو كان يدرك تماماً أن أباه مُتلَقٍّ الأمر من الله، وأن رؤيا الأنبياء وَحْيٌ حَقٌّ.
ومن هذه المشاهد التي تستحق التوقف والتمعن، مناداة سيدنا إبراهيم عليه السلام لولده بقوله:” يٰبُنَيَّ ” هكذا بالتصغير، فلم يقل:”يا ابني”، فقد تعرض لهذا الابتلاء، وهو مشحون بعاطفة الحب لولده والشفقة عليه، لأنه ما يزال صغيراً، ومعلوم أن حنان الوالد يكون على قَدْر حاجة الولد.
ومن أهم الدروس المتجلية في القصة، الاستسلام الظاهر في قوله تعالى: ” فَلَمَّا أَسْلَمَا”، أي استسلما معا لأمر الله وأذعنَا لحكمه وسلَّم كلٌّ منهما زمام حركته في الفعل لربِّه، فإبراهيم همَّ بالذبح، وإسماعيل انقاد، فتَلَّهُ حينذاك لِلْجَبِينِ وألقاه على وجهه، أو على جنبه، فناداه ربه وقد جاء الفرج: ” وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ”، يعني ارفع يدك يا إبراهيم عن ذبح ولدك الوحيد، فما كان الأمرُ إلا بلاءً مبيناً واضحا قاسيا عليك أنت وولدك، فلو ذبح إبراهيم ولده لَصارتْ سنةً من بعده أنْ يتقرَّب الإنسان إلى الله بذبح ولده، لكن لما صبر واستسلم لأمر ربه جاءه الفرج من الله، وعُوفي وولده من هذا البلاء، وعُوفينا جميعاً معه من هذه المسألة. فالابتلاء بالنسبة لسيدنا إبراهيم عليه السلام في هذه القصة، أن يرزق بولد على كِبَر، وهو أحبُّ إليه من نفسه ويُؤمَر بقتله، والابتلاء ليس بأن يموت الولد، إنما أنْ يذبحه أبوه بيده لا بشخص آخر بناءً على رؤيا لا بأمر صريح.
ومن المشاهد التي تستحق التمعن، ماذكر في قوله تعالى:” وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”، وهو الكبش الذي أنزله الله، فِداءً لإسماعيل، كبش قد رعى في الجنة أربعين سنة، فذبحه بالسكين نفسها، تأملوا أيها الإخوة الكرام، إن السكين ذبحت الكبش ولم تذبح إسماعيل، كما لم تحرق النار إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار في شبابه، إن السكين لا تقتل إلا بأمر الله، وإن النار لاتحرق إلا بأمر الله، ولوشاء الله لذبحت السكين إسماعيل، ولأحرقت النار إبراهيم عليهما السلام.
وختام هذه المشاهد يلخص لنا الجزاء الذي استحقه سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يجتاز هذا الاختبار الصعب بكل ثبات وإيمان وطاعة واستسلام وصبر وقوة يقين، حيث استحق أن ينزله الله تعالى منزلة في جميع الأمم من بعده، وذلك بأنْ يُسلِّموا عليه كلما ذُكِر، فقال تعالى:” سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ”، فكلما ذُكِر قلنا: “عليه السلام”، وزاد فجازاه بأن أفدى ابنه إسماعيل من الذبح فعاش، ثم زاده الله فأعطاه إسحاق، قال تعالى:” وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ”، فهو أيضاً نبي، وفي آية أخرى قال سبحانه:” وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ”، ويعقوب أيضاً نبي، واستحق أيضا عليه السلام أن يقول الله في حقه في آية أخرى :”إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّة”.
وأبلغ عبر هذه القصة نأخذها من نهايتها حيث يقول سبحانه وتعالى:” كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ “، أي كذلك كما فعلنا مع إبراهيم نجزي كل مُحسن من بني الإنسان، والمحسن هو الذي لا يقف عند حَدِّ الواجب المطلوب منه، إنما يتعدَّاه إلى الزيادة من جنس ما فُرِض عليه وكُلِّف به، وهذا أعظم درس لنا في الاقتداء والاقتفاء من الأحوال العملية لهؤلاء الأنبياء في طاعتهم لربهم والتزامهم بالتسليم لقضاء الله وقدره، وتربيتهم لأبنائهم على البرور والطاعة والاحترام والتقدير، وتقديم أنموذج العلاقة المثالية للأبناء بالآباء، كم وكم نحن في حاجة ماسة في هذه الأيام إلى هذه الدروس، من أجل أن نسهم جميعا في إعداد جيل متعلم متخلق متكون متزن يعول عليه المجتمع. أسأل الله أن يصلح حالنا وأحوالنا ويبصرنا بعيوبنا ويهدينا لأحسن الأخلاق فإنه لايهدينا لأحسنها إلا هو سبحانه، أمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر 5مرات.
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد فياعباد الله، إن ذبح الأضاحي في يوم العيد يعد من أعظم القربات التي يتقرب بها المسلمون إلى الله عز وجل، وهي مما يجعل المسلم يشعر بجو الحج تماما، واعلموا أنه ينتفع من لحم الأضحية ودمها وعضامها الإنسان والحيوان والجان والحشرات وما لانعلمه من مخلوقات الله تعالى كما ذكر الربانيون من العلماء في فوائدهم، فمنذ أن أذن الله للناس بحج البيت، والمسلمون يتقربون إلى الله بذبح الأضاحي، يستسمنونها ويختارون أجودها وينحرونها ويذبحونها، فكم وكم من الهدي والأضاحي ذبحت وسال دمها في سبيل الله في مثل هذا اليوم، والمغاربة بحمد لله يهتمون اهتماما بالغا بهذه السنة، ويحيونها بكيفية منقطعة النظير، ولايوجد لهم مثيل في كافة دول العالم الإسلامي في القيام بهذه السنة، إلى درجة أن غالبية الأسر في مجتمعنا تتكلف من أجل القيام بهذه الشعيرة.
وبالمناسبة أيتها الأخوات أيها الإخوة، فالأضحية سنة مؤكدة في حق من يقدر عليها، قال الإمام مالك رحمه الله: لاينبغي لأحد تركها مسافرا كان أو مقيما، فإن تركها فبئس ماصنع، إلا أن يكون له عذر أو كان حاجا فلا أضحية عليه، واقصدوا بها وجه الله تعالى، وراعوا فيها جانب السنة والسلامة، ولا تذبحوا قبل ذبح إمام المصلى، فعن الحسن البصري رضي الله عنه، أن ناسا ذبحوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فأمرهم أن يعيدوها، وفيهم نزل قول الله تعالى:” ياأيها الذين أمنوا لاتقدموا بين يدي الله ورسوله”، كما يشترط فيها ألا تكون عرجاء ولا عوراء ولا عجفاء ولا مريضة، ويستحب للمضحي أن يذبح بنفسه إن أمكنه، وليقل:”باسم الله الله أكبر، اللهم هذا من فلان” ويسمي نفسه، وأحضروا الأهل والأولاد عند الذبح، ليحافظوا على إحياء هذه السنة، وكلوا منها وتصدقوا، ولا تبيعوا منها شيئا، ولا تعطوا منها أجرة، وصلوا في هذا العيد أرحامكم وزوروا جيرانكم، وتفقدوا فيه ضعفاءكم، واعمروا هذه الأيام بالصلاة والذكر، والشكر والأكل واللهو المباح، وعدم الغفلة عن واهب النعم ومصدر الكرم جل جلاله، فإنها أيام أكل وشرب وشكر وذكر وفرح، ولا تغفلوا عن التكبير المسنون القيام به بعد الصلوات المفروضات ابتداء من صلاة الظهر من هذا اليوم، وينتهي في صلاة الصبح من اليوم الرابع.
الله أكبر 3مرات_ أيها الإخوة الكرام، إن مما يلاحظ في مناسبة عيد الأضحى ويحسن التنبيه عليه أن بعض الناس يلقون بالأزبال وبقايا الطعام، سواء منه الذي كان يقدم قبل العيد لأضحياتهم، أم تلك البقايا الناجمة عن آثار الذبح وشواء رؤوس الأضاحي وغيرها، في الشوارع والأزقة وقارعة الطريق، دون التفضل بوضعها في الأكياس وحاويات جمع الأزبال الموضوعة رهن إشارة السكان في كل مكان، مما يسيء إلى الساكنة وجمالية المدينة، ويرهق كاهل إخواننا العمال الشرفاء المكلفين بجمع النفايات، وإن الواجب علينا تدينا واجتماعيا وإنسانيا وذوقا العمل على العناية ببيئتنا ورعايتها دائما وأبدا، والحفاظ عليها وصيانتها من كل ما يلوثها ويضر بها، أو يسيء إليها بكيفية أو بأخرى، وهذه أمور ينبغي أن تكون أصيلة فينا يتعاون الجميع على أدائها، ولعل واضع الأوساخ والأزبال في الطريق قد نسي أو جهل أنه يستحق لعنة الناس، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:” من آذى المسلمين في طرقاتهم فقد استحق لعنتهم”، واعلموا أن ديننا الإسلامي اهتم بهذا الأمر أيما اهتمام، فقبل أن يعرف الناس البلديات والجماعات الحضرية ودورها في نظافة المدن، علم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين نظافة القرية والمدينة، وجعل ذلك مسؤولية الأفراد والجماعات والولاة، فقد روى مسلم عن أبي برزة قال: “قلت يارسول الله علمني شيئا أنتفع به، قال:” اعزل الأذى عن طريق الناس”، وقد عين الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري واليا على البصرة بالعراق، فلما قدم إليها أبو موسى قال للناس: ” بعثني إليكم عمر بن الخطاب، لأعلمكم كتاب ربكم وسنة نبيكم، وأنظف طرقكم “، فاحذروا أن تحولوا المدينة إلى مزبلة في أيام عيد الأضحى المبارك وفي غيرها من الأيام، وفي هذا المقام يحسن التنبيه كذلك على ضرورة تنظيف مكان الذبح والأدوات المستعملة بواسطة المواد المنظفة الضرورية، وواجب إحراق أو دفن كبد ورئة الأضحية المصابة بمرض الأكياس المائية حتى تبقى بعيدة عن متناول الكلاب والحيوانات العاشبة وعدم إفراغ الأكياس المائية من محتواها، والحمد لله رب العالمين. وأكثروا من الصلاة والتسليم على ملاذ الورى وخير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وامتثلوا قول ربنا عز وجل :”إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين سيدنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر صحابة رسول الله أجمعين، وعن آل بيت رسول الله أجمعين، اللهم أكرمنا بمحبتهم واقتفاء نهجهم، واجزهم عنا وعن الإسلام أحسن الجزاء، اللهم انصر مولانا أمير المؤمنين محمد السادس، اللهم يارب وفقه لكل خير واحفظه من كل شر، وكلل يارب أعماله التنموية بالنجاح، وارزقه السلامة في الحل والترحال، واجزه عن المغرب والمغاربة كل خير، وهيأ له بطانة الخير التي تعينه على صلاح البلاد والعباد، ومتعه يارب بالصحة والسلامة والعافية، وأعد عليه مناسبة عيد الأضحى أعواما عديدة باليمن والخير والهناء، واحفظه اللهم في ولي عهده مولاي الحسن، وشد أزره بأخيه مولاي رشيد، واحفظ يارب سائر أسرته الملكية الشريفة، إنك سميع قريب مجيب، اللهم آمننا في أوطاننا، واجعل اللهم كيد الأعداء والأشرار والحاقدين في نحورهم، اللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم ،اللهم ارزقنا عاما مباركا تنبت لنا فيه الزرع وتصلح لنا فيه الضرع، اللهم تقبل منا هذه النسك والقربات والأضاحي على التمام والكمال، وتقبل منا صوفها ودمها واجعله يارب في الميزان المقبول عندك، اللهم آمن حجاجنا في المناسك كلها وردهم إلينا سالمين غانمين، اللهم يارب كن لضعفاء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم إنك تعلم حاجاتنا فاقضها، وتعلم ذنوبنا فاغفرها، وتعلم عيوبنا فاسترها، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.