حضور الطريقة النقشبندية في دول الغرب وأساليب عملها وتواصلها معهم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ، أولا سأكبر الله قياما؛ الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدُنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ الأَصْلِ النُّورَانِيَّةِ وَلَمْعَةِ الْقَبْضَةِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَأَفْضَلِ الْخَلِيقَةِ الإِنْسَانِيَّةِ وَأَشْرِفِ الصُّورَةِ الْجِسْمَانِيَّةِ وَمَعْدِنِ الأَسْرَارِ الرَّبَّانِيَّةِ وَخَزَائِنِ الْعُلُومِ الاِصْطِفَائِيَّةِ صَاحِبِ الْقَبْضَةِ الأَصْلِيَّةِ وَالْبَهْجَةِ السَّنِيَّةِ وَالرُّتْبَةِ الْعَلِيَّةِ مَنِ انْدَرَجِتِ النَّبِيُّون تَحْتَ لِوَائِهِ فَهُمْ مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ عَدَدَ مَا خَلَقْتَ وَرَزَقْتَ وَأَمَتَّ وَأَحْيَيْتَ إِلَى يَوْمِ تَبْعَثُ مَنْ أَفْنَيْتَ وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً.
الْحَمْدُ لله.
لقد تربيت على يد الشيخ ناظم الحقاني، ولمن لا يعرفه أقول له: إن له صورة هنا في الزاوية مع الشيخ المصطفى بصير رحمه الله، أقول: صورة الشيخ ناظم جميلة، بالعمامة وبالجبة وكانت صورة الشيخ ناظم تعجب الغربيين.
لقد عشت مع الغربيين في الولايات المتحدة الأمريكية بولاية سان فرانسيسكو، وأمريكا هي واحد وخمسون دولة مجتمعة كدولة واحدة، ونحن سبعة وخمسون دولة متفرقة، والله تعالى يقول: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، لكن نحن نقول: “وتفرقوا”، فتفرقنا.
فمن سيجمع شتات سبعة وخمسين دولة؟، وكان الشيخ ناظم دائما يحذر المسؤولين من مسؤوليتهم غدا عند الله، بهذه الكلمة، ويقول: الغربيون من المسلمين لا يتحملون هذه المسؤولية، لأن الله تعالى لن يقول لهم إنكم مسؤولين على هذا الكتاب، لكن العرب الذين يتكلمون لغة القرآن العربية، هم المسؤولون، فهل قال تعالى:”ولا تفرقوا” أم قال: “وتفرقوا”.
وفي الجواب عن سؤال: “كيف نجمع هذا البلد الكبير؟” كان الشيخ ناظم دائما يتكلم عن المهدي النتظر، ويقول: بأنه لما سيأتي سيجمع المسلمين تحت لواء واحد، ونتمنى أن يحضر ويجيء.
سؤال: كيف يجذب الغربيون إلى ذكر الله وتطمئن قلوبهم؟،
قبل أن أجيب، أحب أن تقولوا معي جميعا “يا دايم” ثلاث مرات و”يا الله” في الرابعة، و”يا حليم” ثلاث مرات و”يا الله” في الرابعة، مرتين أيضا، “يا سلام ، يا سلام، يا سلام، يا الله”، مرتين أيضا.
فبهذه الطريقة، وهكذا عندما يشارك الغربيون في الذكر، وبعد انتهائهم من جلسة الذكر تطمئن قلوبهم، ويجدون في ذلك لذة، فيرجعون مرات ومرات للذكر، ومن الذكر إلى الإيمان ومن الإيمان إلى الشريعة، فلو قلبنا العملية وبدأنا بتعليمهم الشريعة في الأول، ماذا سيقع؟
وللأسف عندنا من المسلمين من شغلهم الشاغل هو الشريعة، ويضيقونها بين أربعة أسوار، الأول: تعمل عملا فيقولون: هذا كفر، والثاني تعمل عملا آخر فيقولون: هذا شرك، والثالث: تعمل عملا غيره فيقولون: هذا بدعة، والرابع: تعملا شيئا آخر فيقولون: هذا محرم، وتبقى وسط هذه الأسوار الأربعة، واسمحوا لي أن أقول: إن هذه الفئة من المسلمين أصبحت اليوم تعبد هذه الأسوار، ولا تعبد الله.
فهؤلاء إذا قلت لهم ذكر الله، يقولون بدعة، وإذا قلت الشيخ، يقولون شرك، وإذا عملت حرزا فيه قرآن يقولون حرام، أربعة حيطان: شرك، وكفر، وبدعة، وحرام، إذا دخلتها يغلقون عليك، وتبقى سجينا بداخلها، وهل بهذه الطريقة نستطيع أن ندعو الغربيين إلى الإسلام؟
الغربيون علينا أن نعرف كيف نتعامل معهم؟، كيف نحبب لهم الدين؟، نعم هذه الأسوار الأربعة مطلوبة، لكن ينبغي أن تحاط بجنان مملوءة بالذكر، الغربيون يبحثون عن طمأنينة القلب أولا، وقد أعياهم طلب السعادة.
وهناك من يجعل شرطه الأول الكلام على هذه الأسوار الأربعة التي ذكرتها دون أن يقدمها في طابق جميل، والمهم بالنسبة له هو تأسيس هذه الأسوار، وأصبحت تشكل بالنسبة له كل شيء، وإذا دخلت فناءها وجدتها أشواكا، ولن تجد بها رائحة طيبة يمكنك أن تشمها.
الشيخ ناظم النقشبندي لما جاء إلى أمريكا سعى إلى فتح زاوية في كل ولاية من الولايات الخمسين المشكلة للولايات المتحدة الأمريكية، وكل زاوية تشتغل بالذكر، وعندما يأتي الغربيون إلى الزاوية نقدم لهم الطعام وبعده نجلس معهم في جلسة ذكر، ولا نتحدث لهم عن الوضوء ولا عن الصلاة ولا عن أي شيء آخر، وندعم بأنفسهم يكتشفون ويتساءلون.
الغربيون كما هو معروف لديهم نهم بالقراءة والبحث، ويهمهم أن يعرفوا ما يرونه، فيسألوننا لماذا تفعل هذا، ولماذا تفعل هكذا بهذه الطريقة؟ فنغتنم الفرصة ونبين لهم حينها.
ومن الأمور التي يعتمدها الشيخ ناظم، قوة الجذب، فالغربيون تعجبهم الهيأة ولهم أذواق في ذلك، فالشيخ الحالي للنقشبندية الشيخ هشام له هيبة، العمامة الخضراء الكبيرة واللحية البيضاء الطويلة المنسدلة والجبة، ويمكنني القول بأن المنظر وحده يكفي في تقديم رسالة الطريقة.
وأنا شخصيا انجذبت للطريقة النقشبندية بهذا الشكل، وهذا ينسحب على الكثير من المهاجرين إلى أمريكا، لأنه إما مهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، ونادرا من كانت هجرته لله ورسوله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أيضا هاجرت إلى أمريكا لدنيا لكن أبى الله إلا أن تكون لله ورسوله، وأنا هناك في أمريكا أعيش لله ولرسوله ولله الحمد.
وعملنا اليوم في تلك البلاد، هو جمع الغربيين في مجالس الذكر بكل تيسير وسهولة، حتى يسهل عليهم النطق بكلام الله، ولأن الذكر به يطمئن القلب، وإذا اطمأن سيصبح الجسد كله في حاجة للذكر مرة ومرة ومرات، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”، وهذا المكان أي القلب هو الفارغ عند الغربيين.
الأم الأمريكية في تربيتها لولدها تعطيه الحرية التامة، يعمل كيف يشاء، يعمل حلقة في أذنه أو أنفه أو شفته أو حتى حاجبه، يصبغ شعره بالأحمر أو بالبنفسجي أو بأي لون أحب واشتهى، وأمه لا تتدخل فيه ولا تنهاه عن أي شيء من ذلك، ولكن هناك شيء عامة الأمهات الأمريكيات لا يقبلونه من أولادهم أو بناتهم فعله، إنه أمر واحد وهو مهم عند الأمريكيين عامة، أتعلمون ماهو؟ إنه الكذب، هذا الخلق لا يقبل به أحد هناك، وماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم، في الحديث الشريف، عندما سأله الصحابة رضوان الله عليهم:” هل يزني المؤمن؟ قال: نعم، وهل يسرق؟ قال: نعم، وهل يكذب؟ فأجاب: “لا”، المؤمن لا يكذب”، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والأمهات الأمريكيات يربون أبناءهم على هذا: لا للكذب.
هم يحبون الحق، والإسلام حق، لكن كيف نقدم هذا الحق لهؤلاء الناس الذين يحبون الحق؟ لا بد من أناس متمرسين يعرفون كيف يقومون بهذه المهمة، لأن الحق إذا كان مرا لا يقبله الإنسان، ولهذا نمزجه بالذكر حتى يطمئن القلب، وإذا اطمئن القلب يسهل بعد ذلك كل شيء، الشريعة تسهل وكل شيء يسهل، فبهذه الطريقة نخترقهم.
فالشيخ هشام النقشبندي ذو المنظر الجميل، عمل زوايا في كل الولايات المتحدة الأمريكية، والنقشبنديون هم ملايين في العالم، وفي أمريكا عمل زوايا للذكر خاصة بالغربيين، وعلمنا أيضا ألا نحرجهم بالسؤال حول: هل نطقت الشهادة؟ أو هل أنت مسلم؟، المهم أن يشتغلوا بالذكر، وعندما يتمكن منهم ذلك، يصبح في القلب محبة وفرحة ، يأتون مرات ومرات، وبعد ذلك يتغيرون ويدخلون الإسلام، ويلتزمون الشريعة بقوة فيما بعد، وربما أكثر من المسلمين أنفسهم.
فالشيخ هشام حفظه الله هو شديد مع نفسه، التهجد بالليل والقيام للفجر والذكر، و ييسر على غيره من الناس كل بحسب استطاعته وطاقته، ولكن الناس يريدون تقليده، وأنا أمثله في ذلك كربان طائرة والناس يركبون معه، ولا يمكن لكل واحد منهم أن يسوق الطائرة، ولكن يستطيع أن يطير أينما طارت الطائرة، والمريد يستطيع أن يرتفع إلى أعلى المقامات بذكر الله تعالى.
ولهذا زوايا النقشبندية في أمريكا يجتمع فيها الغربيون من كل الأشكال من الأمريكيين البيض والحمر وذوي الأصول الإفريقية والآسيوية وأمريكا اللاتينية، والأوربيين، وهكذا تجد المسجد النقشبندي يجمع خليطا من كل الأجناس.
وفي مقابل أصحاب هذا الاتجاه الصوفي نجد أصحاب الأسوار الأربعة الذين تكلمت عنهم آنفا، ولن تجد فيهم إلا يمني أو أردني أو مغربي أو باكستاني لا غير، والفرق بين الاتجاهين يتجلى في كون أن أصحاب الطريقة النقشبندية يفتحون أذرعهم لكل إنسان، وأولئك يمنعون الناس من الدخول في الإسلام بتشددهم.
أحب أن أذكر لكم شيئا، في سنة 1991م وأنا في أمريكا، حيث تعودنا في المغرب أن نحتفل بأيام المولد النبوي الشريف، فرحت أبحث في المساجد لعلي أجد محتفلا فلم أجد، وكأنه أمر حرام أوممنوع، لأن هذه بصراحة هي الفكرة التي كانت داخل كل المساجد التي زرتها، وعندما حللت بمسجد في كاليفورنيا، وحل المولد ذاكرتهم في ذلك، فأجابوني بأن الاحتفال بالمولد بدعة.
يا سبحان الله، كيف يكون بدعة والمغاربة يحتفلون به، الآباء والأجداد، فقالوا إنهم مخطئون، فقلت لهم: هل إذا رجعت إلى المغرب أقول لهم بأن علماءكم وصلحاءكم مخطئون في الاحتفال بالمولد النبوي؟ وأنهم على باطل؟
أيها الإخوة، وكان هذا حال مساجد أمريكا، غير أنه لما قدم الشيخ هشام النقشبندي أخذ يرد عليهم بالعلم، وازداد الصراع مع هؤلاء الذي كان يطلق عليهم اسم “الوهابيين”، وذلك المصطلح في الحقيقة لم يكن رائجا بالإنجليزية “wahabist”، فأخذ حفظه الله يحذر من التطرف وحذر الأمريكيين من مثل حادث 11 شتنبر قبل أن يقع، وبقيت كلمته بخصوص هذا مسجلة، كأن الله تعالى ألهمه بذلك، وهؤلاء هم أصحاب التكفير والتبديع، وهم موجودون في أمريكا ونحن نختلف معهم، لأنهم متشددون، ونحن على خلافهم، ميسرين، لأننا نؤمن إيمانا قطعيا بأن باب رحمة الله واسع وهو يضيقونه.
والنقشبنديون يعتمدون زيا متشابها، العمامة والجبة والهيئة الحسنة والسمت الجميل، ولهذا ما أن ترى صورة الواحد منهم حتى تعرف أنه نقشبندي، كما تعرف أهل الصحراء من زيهم، والناس يحبونهم لأنهم أناس وسط وليسوا متطرفين، فالمتطرف مثاله مثال الكأس الموضوع على طرف المائدة، تنظر إليه وأنت تخشى سقوطه، على عكس الكأس الذي يتوسط المائدة، فهو في طمأنينة واستقرار.
هذه هي الطريقة النقشبندية باختصار، وشيخها الشيح ناظم يسلم عليكم ويسلم على أهل الطريقة البصيرية، على مولاي إسماعيل وعلى مولاي عبد المغيث، وجئت هنا لزيارة بلدي المغرب وأزور أهل الله في هذه الزاوية، وأنا هناك أعمل مقدما في الطريقة النقشبندية، وأعمل على استقطاب الناس إليها خاصة من الغربيين، أعانني الله وأعانكم وبارك لي ولكم والسلام عليكم.