ثورة الملك والشعب وعيد الشباب
الخطبة الثانية
فيا أيها الإخوة المؤمنون، إن الله سبحانه وتعالى جمع لنا في الأيام القادمة ذكريات وطنية ينبغي الوقوف عليها لتجديد النظر، وتنوير ناشئتنا بالروح الوطنية التي تربى عليها أسلافنا الصالحون، الذين عاشوا فترة الإستعمار في بلدنا، والذين قاوموا وبذلوا أرواحهم وأموالهم لننعم بالإستقلال وبالأمن والأمان في مملكتنا، إنها ذكرى ثورة الملك والشعب، التي تخلد لذلك التلاحم المتين بين جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، وبين الشعب المغربي الأبي الذي انتفض يوم20 غشت 1944 حينما امتدت يد الإستعمار الغاشم إلى رمز سيادة البلاد وضامن وحدتها واستقرارها جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، فنفاه عن شعبه ووطنهوأبعده عن عرشه وبلده، ظانا بذلك أن الجو سيخلو له، ويصفو له المكث والمقام، فيفعل بهذا البلد بما فيه ما يشاء، ولكن هيهات هيهات، فالله سبحانه وتعالى كان لظلم الإستعمار وطغيانه بالمرصاد، و كان الشعب المغربي في منتهى الولاء والوفاء والإخلاص لدينه ولوطنه ولملكه، متحليا بقيم الصبر والفداء والتضحية حيث وقف سدا منيعا بجهاده في وجه الإستعمار وأطماعه التوسعية،وما هي إلا سنتان من الكفاح والجهاد والنضال المشترك بين العرش والشعب بمختلف طبقاته كانتا تتويجا لجهاد استمر حوالي ثلث قرن من الزمان بقيادة المغفور له محمد الخامس رحمه الله حتى عاد من منفاه معززا مكرما، رجع في يوم تاريخي جليل، وفي يوم مشهود عظيم، عاد متوجا بإكليل العز والإتنصار، وحاملا في قلبه وفكره ويده مشعل الحرية وبشارة الإستقلال مرددا ما جاء في الأثر: “رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”. كما سنحتفل كذلك يوم 21 غشت، بعيد شباب ملك الشباب محمد السادس أطال الله عمره وسدد أمره وبهذه المناسبة نقول للشباب: أليس من حمل رسالة الإسلام إلى الناس كافة هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يعتمد على فتوة الشباب وإرادة الشباب وهو الذي وعد من تحلى منكم أيها الشباب بأخلاق الإسلام وعمل على رفع راية الإسلام ونشأ على طاعة الله وطاعة رسوله أن الله عز وجل سيظله يوم القيامة تحت ظل عرشه حين قال فيما رواه البخاري ومسلم: “سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله”، وذكر منهم إماما عادلا وشابا نشأ في طاعة الله، وليعلم الشباب أن كل عمل من أعمال الخير والبر والإحسان المطابقة لشريعة الإسلام السمحة عبادة لله يتقبلها ويثيب عليها فاعلها لأنها من طاعة الله، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما، فيا أيها الشباب، بلدكم بحاجة إلى تفوقكم، وإلى مساهماتكم في الرفع من المستوى الأخلاقي، والإجتماعي، والسياسي، والديني، وكل الأبواب مفتحة لإرادتكم إن توفرت لديكم الهمة العالية للمضي قدما نحو ما يخططه مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بفعله قبل قوله، مهيبا بالأمة جميعا، وبالشباب خاصة بأخذ المبادرات الواعدة، وبالإجتهاد البناء، وبالعزيمة القوية للرفع من مستوى مملكتنا المغربية، فشباب اليوم هم حفذة الشباب الذين قاوموا الإستعمار وانتفضوا ملكا وشعبا لمناهضة الإستعمار، فلتكن بصمة الحفذة مثل أو أكثر من بصمة الأجداد، تخلدون بها أسماءكم، إذا ذكر الخبراء والمخترعون، والساسة المحنكون، والمربون الماهرون، والجنود البواسل، والتجار الصادقون، والصناع الحاذقون، والفلاحون المخلصون، والأئمة المصلحون، والتلاميذ النجباء المجدون، والأمهات الصالحات، اللائي يرضعن أولادهن قيم الوطنية الصادقة، ويدفعن بأبنائهن إلى البذل والعطاء ليتبوأ بلدنا المكانة السامية التي تليق بمن ينتمي إليه، والذي ينشد في شعاره، إخوتي هيا للعلا سعيا، نشهد الدنيا أن هنا نحيا، فخذوا إسلامكم بقوة الشباب، وتمسكوا بعروته الوثقى يكن لكم قوة تدفعكم إلى معارج الرفعة والتقدم والكمال، وتقيكم المزالق والتقهقر والإنحلال، والله يهدي من يشاء إلى سبيل الرشاد. الدعاء
خطبة الجمعة من مسجد الحسنى عين الشق، للأستاذ مولاي يوسف المختار بصير في موضوع: “عرفات والأضحى/ ثورة الملك والشعب وعيد الشباب” ؛ الجمعة 5 ذو الحجة 1439 موافق17 غشت 2018