بيان وتوضيحات إلى الأحزاب السياسية الإسبانية ومختلف الجمعيات والمنظمات الحقوقية الدولية بخصوص المقاوم المغربي المعروف بـ “بصيري” وملخص مطالبات الأسرة البصيرية بالكشف عن مصيره

بيان وتوضيحات إلى الأحزاب السياسية الإسبانية ومختلف الجمعيات والمنظمات الحقوقية الدولية بخصوص المقاوم المغربي المعروف بـ “بصيري” وملخص مطالبات الأسرة البصيرية بالكشف عن مصيره

ولد قائد انتفاضة الصحراء المغربية سيدي محمد بصير ولد سيدي إبراهيم بن سيدي مبارك البصير المؤذني الرقيبي المعروف بلقب:” بصيري” سنة 1942 بزاوية والده الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني اعياط بقلب جبال الأطلس المتوسط بإقليم أزيلال بالمملكة المغربية.

 وأول وصول له إلى الصحراء المغربية بلاد أجداده وأصوله، كان صحبة أخيه مولاي علي بصير سنة 1967م، هذا الأخير الذي كان يقطن بالسمارة، كما أن والده سيدي إبراهيم البصير، منذ تأسيس زاويته ببني اعياط سنة 1920م لم يغادر هذه المنطقة الوسطى في اتجاه الصحراء، في حين كان أهل الصحراء يزورونه بزاويته ببني عياط، بل إن البعض منهم توفي بالزاوية البصيرية وقبورهم مشهورة معروفة.

تلقى سيدي محمد بصير المبادئ الأولى للقراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم بمدرسة الزاوية البصيرية في عهد الشيخ الثاني للزاوية أخوه سيدي الحاج عبد الله البصير رحمه الله، لأن والده الشيخ سيدي إبراهيم البصير توفي سنة 1945م، والتحق بعد ذلك بالمدرسة الابتدائية بالرباط، حيث تابع دراسته بها إلى أن حصل على الشهادة الابتدائية، ثم انتقل إلى مراكش ليتابع دراسته الثانوية رفقة أخيه العلامة مصطفى بصير بجامعة ابن يوسف، وفي سنة 1963م حصل على شهادة الباكلوريا التي حفزته إلى السفر للمشرق العربي.

وفي أواخر سنة 1964م انتقل إلى مصر لتلقي العلوم الشرعية والصحافة في مصر، وفي سنة  1966م انتقل إلى سوريا ولبنان، وتأثر كثيرا بالقومية العربية والوحدة التي كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ينهجهما وينادي بهما، كما تؤكد ذلك بعض مراسلاته لأخيه العلامة سيدي محمد المصطفى بصير رحمه الله.

ولما قضى وطره بالديار المشرقية، رجع على إثرها إلى وطنه الأم المغرب في أواخر سنة 1966م، والصحراء في ذلك الإبان تئن تحت وطأة الاستعمار الإسباني، فآثر سيدي محمد بصير الاستقرار بمدينة  الدار البيضاء، التي كانت وقتئذ عاصمة الإشعاع الفكري المعاصر بعد الاستقلال، فاستهوته الكتابة ومجال الصحافة، وتولدت لديه فكرة إنشاء مجلة ” الشموع “، التي كان ينشر فيها مقالات حول الثقافة المغربية بشكل عام، ومقالات رأي حول الأحداث السياسية الراهنة وطنيا ودوليا، وكان يعلن من خلالها على مجمل الأنشطة الثقافية بالدار البيضاء من ندوات ومحاضرات وغيرها.

لاجرم أن ظروف القمع التي كان يعيشها المغرب وقتئذ في جانب الحريات، علاوة على المضايقات التي كان يعيشها الشباب بصفة خاصة، ساهما في توقيف مجلته الشموع وهي في مهدها، كل هذا جعل الفقيد يفكر في الابتعاد بنفسه إلى الصحراء المغربية، لعله يقدم شيئا نافعا لقومه وأبناء عمومته الصحراويين، خاصة أنه سمع على أمواج إذاعة لندن عزم إسبانيا ضم إقليم الصحراء إليها بشكل دائم.

وصادف أن قام أخوه مولاي علي بصير رحمه الله بزيارة للزاوية البصيرية لصلة الرحم، فصاحبه على أساس الزيارة للمناطق الصحراوية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وما إن حل بالصحراء أوائل سنة 1969م، وإلى منطقة السمارة بالخصوص، وعلم الاستعمار الإسباني بأمره حتى أمر بالقبض عليه، ولم يخل سبيله إلى أن تدخل أهله فمنح رخصة إقامة مؤقتة، وعند ذلك شرعت السلطات الاستعمارية تضايقه حينما علمت أن له نشاطا دينيا وعلميا في الأوساط الصحراوية.

اشتغل قائد الانتفاضة في بداية أمره بتدريس اللغة العربية والقرآن الكريم وتوعية الناس، ثم انتقل بعد ذلك إلى النشاط السياسي السري، فإليه يعود الفضل في تأسيس أول حزب سياسي صحراوي ذو توجه وطني أصيل، أطلق على تسميته: “حركة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” حينا، وعرف أيضا باسم: “الحركة الطليعية لتحرير الصحراء” أحيانا أخرى.

وهكذا حاول قائد انتفاضة الصحراء المغربية سيدي محمد بصير أن يجمع حوله الشباب، فتجمع حوله جم غفير من الشباب والشيوخ، وتذكر الوثائق التاريخية أن عدد المنضوين في حركته في يوم الانتفاضة وصل إلى حوالي سبعة عشرة ألف مناضل ومناضلة، الشيء الذي أثار حفيظة الاستعمار الإسباني، وبدأ يدبر المكايد للقضاء على هذه الروح الوطنية الثائرة ضده.

فسارعت إسبانيا إلى تنظيم حفل كبير بمدينة العيون واستدعت مختلف وسائل إعلامها المرئية والمسموعة وركزت على الإعلام الغربي، وذلك بغية أن يعبر الصحراويون بطواعية تامة عن رغبتهم في الانضمام والتبعية لها، وأن تصبح الصحراء مقاطعة في جنوب المغرب تابعة للإسبان، وهذا كله هيج القائد سيدي محمد بصير ومن معه، فحرك أتباعه ممن تشبعوا بفكرة النضال جنودا ومدنيين فتولد عن ذلك انتفاضة 17 يونيو 1970م، والتي راح ضحيتها الأول قائد الانتفاضة سيدي محمد بصير، الذي ألقي عليه القبض مع مجموعة ممن كانوا معه، والذين سيقوا إلى السجن الأكحل بالعيون وغيرها من السجون التي كانت للاستعمار بالأقاليم الجنوبية.

ولكن ما مرت خمسة عشرة يوما على اعتقاله حتى انقطع خبر وجوده بسجن العيون، في الوقت الذي كانت إحدى قريباته، وهي السيدة عيشتو بنت سيدي الحنفي البصير رحمة الله عليهم جميعا تزوره وتزوده بما يحتاج إليه من مؤونة العيش، الشيء الذي زاد من غضب الصحراويين على المستعمر وتمسكهم بشخص قائد الانتفاضة. ومن ذلك الحين إلى الآن لم يعرف مصيره رغم المحاولات الكثيرة من طرف أسرته البصيرية للكشف عن مصيره.

بعد اختفائه سنة 1970م وتكوين ما يعرف بالبوليساريو سنة 1973م، قام هؤلاء بتزوير تاريخ قائد الانتفاضة وتاريخ الصحراء المغربية ككل، وكأنهم أول من وجد في الصحراء، وروجوا للعالم بأنه زعيمهم الروحي الذي أوحى لهم بالانفصال عن وطنهم الأم، دون الإدلاء بدليل يذكر، هذا علما أنه لايوجد على الإطلاق في كتب التاريخ العربية والإسلامية أو الأجنبية مايسمى بالجمهورية الصحراوية أو الشعب الصحراوي لاتاريخيا ولا سياسيا. ويحاولون اليوم التشويش على المسار القانوني للعائلة البصيرية لمطالبة الدولة الإسبانية بالكشف عن مصيره، دون إذن أو ترخيص.

ونحن اليوم أقرب المقربين للفقيد، نتساءل: لماذا لم تطالب البوليزاريو بالكشف عن مصيره يوم قامت بتبادل الأسرى مع الدولة الإسبانية سنة 1975م، وقد كان الأمر مواتيا؟

ملخص مطالبة عائلته للدولة الإسبانية بالكشف عن اختفائه القسري:

أولى الطلبات في هذا الشأن قام بها الأخ الشقيق لسيدي محمد بصير والدنا الشيخ المصطفى بصير رحمه الله منذ السنوات الأولى للاختفاء نيابة عن كافة أفراد العائلة، ولاتزال نسخ الرسائل التي حررها وبعثها في هذا الشأن لمختلف الجهات المختصة بحوزتنا في أرشيف خزانة الزاوية البصيرية.

وثاني الطلبات قام بها الأخوان إسماعيل بصير وعبد المغيث بصير، باعتبار أن المناضل محمد بصير يعتبر عمهم الشقيق، وذلك منذ سنة 2011م إلا أن الدولة الإسبانية منعتهم من حق الحصول على تأشيرة شينغن، وذلك بعد أن اتفقوا مع محامين إسبانيين لتوكيلهم للترافع في الموضوع، وتكرر المنع سنة 2012م وسنة 2014م، مما اضطرهم بعد ذلك إلى تغيير الوجهة للمطالبة بالكشف عن مصيره عن طريق مجموعة العمل الأممية للاختفاءات القسرية بجنيف سويسرا منذ سنة 2016م، حيث شارك الدكتور عبد المغيث بصير في دورتها عدد 108 التي نظمت بالمغرب، وقدم عرضا موثقا حول المختفي قسرا سيدي محمد بصير، وتم تقديم الطلب بشكل رسمي للمجموعة الأممية لمتابعة القضية. التي قبلت الطلب وسجلته تحت رقم 10006202.

ومنذ ذلك الحين بقيت الأخوان إسماعيل بصير وعبد المغيث بصير في تجاوب مع مجموعة العمل الأممية للاختفاءات القسرية، وأمدوها بكافة الوثائق والشهادات، وقاموا بتوكيل محام لمتابعة القضية مع الدولة الإسبانية، وبعد عدة مراسلات تطلبت وقتا طويلا، تغير الموقف الإسباني واعترفت الدولة الإسبانية في رسالة مؤرخة بـتاريخ 04 نونبر 2019م بانتفاضة المجاهد سيدي محمد بصير في يوم 17 يونيه 1970م بالعيون، والتي قامت بها حركته الوطنية لتحرير الصحراء المغربية من الاستعمار الإسباني كما تقول الرسالة، كما اعترفت بأنها ألقت عليه القبض وحققت معه طيلة خمسة عشر يوما وأخضعته للتعذيب هو ومن كان معه وسجنته، وبأنه خرج من السجن رفقة بعض عساكرها، ويحتمل جدا أن يكون فارق الحياة كما ذكرت الرسالة اعتمادا على بعض الشهادات في الموضوع.

والذي نحب التنويه به في هذا المقام أن الدولة الإسبانية أصبحت تتجاوب مع الأسرة بواسطة مجموعة العمل الأممية للاختفاءات القسرية بشكل سلس في الموضوع، والذي نحب التأكيد عليه أن التواصل الودي سيستمر مع الدولة الإسبانية إلى أن تكشف عن مصير المجاهد المغربي والمقاوم الوطني سيدي محمد بصير وتطلع الأسرة على قبره ورفاته، ليدفن مع أبويه وإخوانه جنبا إلى جنب في مقبرة الزاوية البصيرية بزاوية سيدي إبراهيم البصير ببني عياط بإقليم أزيلال. وتجيب على مطالب العائلة في هذا الشأن.

والسلام.

إمضاء:

إسماعيل بصير، شيخ الطريقة البصيرية، ورئيس مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام

د.عبد المغيث بصير، عضو المجلس الأكاديمي لمؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام.

الزاوية البصيرية ببني عياط، إقليم أزيلال، المملكة المغربية، في يوم الجعمة 03 يوليوز 2020م

 

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *