بعض وصايا دين الإسلام الخاصة بالمرأة
بعض وصايا دين الإسلام الخاصة بالمرأة
فضيلة الدكتور مولاي عبد المغيث بصير
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، سبحانك اللهم ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيرا ونذيرا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى وأحثكم على ذكره.
أما بعد فيا عباد الله، عندما يحل عيد المرأة العالمي يكثر الكلام من قبل العديد من المتهافتين الجاهلين بتعاليم دين الإسلام، فيوجهون سهام نقدهم إلى الدين، وأنه هضم حقوق المرأة، وياليتهم اطلعوا على تعاليمه قبل أن يتكلموا بما لم يعرفوا.
فهذا سيدنا رسول الله ﷺ يقول فيما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما: “أكمل المؤمنين أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم”، ويقول أيضا ﷺ فيما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: “استوصوا بالنساء خيرا “.
تبعا لذلك عباد الله، فأول من ينبغي أن يشهد لنا بحسن أخلاقنا وحسن معاملتنا ومعاشرتنا هم أزواجنا وأهلونا وأبناؤنا الذين نعيش معهم أطول الأوقات واللحظات في البيوتات، فلا ينبغي أن ننتظر شهادة الغير من الناس بحسن أخلاقنا، في حين أن من يعيشون معنا يشتكون سوء أخلاقنا ومعاملتنا، وفي ذلكم أخذ بوصايا ربنا ووصايا حبيبنا سيدنا رسول الله ﷺ التي توصي بالنساء خيرا، فهل فعلا عملنا بالوصايا، وأكرمنا المرأة في مراحلها الثلاث بنتا وزوجا وأمّا، وجعلناها تشعر بالعطف والحنان والرحمة والعزة والرفعة؟.
عباد الله، إن من ينظر إلى حال بعض البنات وهن يعشن مرحلة الطفولة والشباب، يجد بأن البعض منا لم ينفذ الوصية ابتداء من تبرمه وتضجره وتشاؤمه وحزنه عندما يهبه الله الإناث، فيصدق فيه ما قال الحق سبحانه وتعالى في أهل الجاهلية:” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم”، أضف إلى ذلك غفلة البعض عن تربيتهن ورعايتهن وتعليمهن وتصويب أخلاقهن، فيتركهن عرضة للتشرد والتسول والعمل وهن في مرحلة الطفولة والشباب، وإذا وهبه الله الذكور يفضلهم عليهن في العطف والحنان والتقريب والهبة والعطية.
أما حال بعض البنات وهن يعشن مرحلة الشباب فغير خافية عليكم، من خلال تربيتهن على الدلال الزائد، وتركهن عرضة للإدمان على وسائل التكنولوجية الحديثة، مما ينعكس سلبا على تكوين شخصيتهن، وعدم الاهتمام بالعلم والتكوين، وتخليهن عن الأخلاق الإسلامية وعوائد المجتمع الرصينة، روى ابن ماجة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:(من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن من جدته، يعني ماله، كن له حجابا من النار)، فأين نحن عباد الله من هذه الوصايا؟
ومن ينظر عباد الله إلى ما تعانيه بعض النساء وهن زوجات من سوء معاملة بعض الرجال، من خلال التصرف في مهورهن وعدم تمكينهن من الصداق الذي جعله الله لهن بغير إذنهن ورضاهن، وعدم الإنفاق عليهن، أو إلزامهن بالإنفاق على البيت وإكراههن على ذلك، وعدم تقديرهن واحترامهن، وتعريضهن للعنف اللفظي والعاطفي والمادي والجسدي، مما جعلهن يأوين إلى المحاكم طلبا للطلاق والفرقة بعدما اجتمعن مع الرجال على المحبة والوئام، فكثر الطلاق بالمجتمع، وما لذلكم من تبعات سلبية على الأفراد والمجتمعات ككثرة الفساد وتشرد الأولاد وغيرها، فأين نحن من قوله تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”؟، وأين نحن من قول الحبيب ﷺ فيما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك”؟، وأين نحن من المعاشرة بالمعروف التي قال فيها الحق سبحانه وتعالى: “وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً”؟.
وفي الجملة عباد الله، فإن دين الإسلام كما يوصي الرجل أن يقي نفسه نار جهنم يوم القيامة، فإنه يلزمه بالسعي لتعليم الزوجة أركان الإيمان وأحكام الطهارة والعبادات خاصة الصلاة، ويحثها على أدائها، ويعلمها شروطها وأركانها ومفسداتها لتفوز أيضا بالجنة، قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً”، فأين نحن من وصايا ديننا بالمرأة؟، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا للعمل بمقتضيات وصايا الله تعالى ووصايا الرسول ﷺ أمين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد فيا عباد الله، وإن الناظر لحال بعض الأمهات وهن يعشن مرحلة الأمومة، وكان ينبغي للرجال من الأزواج والأبناء أن يعتنوا بهن أيما عناية، فالأم من أعظم الناس فضلا وأحق الناس بالإكرام والإحسان، فمن لم يظهر خيره لأمه فلا عبرة بخيره على من هم دونها؟، وللأسف الشديد تجد في أيامنا هذه بعض الأمهات وقد تقدم بهن العمر لازلن يعملن عند الغير لتوفير لقمة العيش، أو تجدهن يتسولن الغير في الأزقة والشوارع، أو تجدهن يبحثن عن ملاذ آمن في دور العجزة ومحلات الإيواء، فأين نحن عباد الله من وصايا ربنا عز وجل ومن وصايا حبيبنا المصطفى ﷺ، التي أوجبت علينا برها والإحسان إليها واللطف بها ولين الجانب معها؟، فلا نغلظ في الجواب، ولا نحد النظر إليها، ولا نرفع صوتنا عليها، بل نكون بين يديها مثل العبد بين يدي السيد، قال تعالى : “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما”، أي الوالدين معا.
عباد الله، وبعد هذا كله ينبغي أن نجتهد في الإحسان إلى المرأة طفلة وشابة وزوجا وأما، واعلموا أننا إذا طبقنا وصايا ربنا ووصايا حبيبنا المتعلقة بالمرأة في مراحلها الثلاث، فإننا سنصنع امرأة نموذجية مثالية في كل شيء، مؤثرة في مجتمعها، ويصدق فينا حينذاك قول الشاعر الحكيم حافظ إبراهيم رحمه الله:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
هذا، وإن واجب المرأة المسلمة اليوم أن تُحافظ على مكانتها التي أعطاها إياها الإسلام، وتصون عِرضها، وتقوم بدورها في نُصرة الدين وبناء الوطن، وأن تكون أقوى من التحدِّيات، وأن تعتزَّ بدينها، وتتمسك بعقيدتها ومبادئها وأخلاقها، وتدعو إليها؛ فذلك من صميم دينها، ولا تصدق دعوات شياطين الإنس الذين يعتقدون ويشيعون بأن دين الإسلام هضم حقوق النساء، فلا يوجد دين ولا ملة ولا نحلة ولا قانون كرم المرأة وأعطاها كامل حقوقها كدين الإسلام، والحمد لله رب العالمين.