اليوم الوطني للمهاجر

الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد فياعباد الله، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة “، وقال عز وجل في آية أخرى:” هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور”، ويقول أيضا: “ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم”.

أيها الإخوة الكرام، بمناسبة حلول اليوم الوطني للمهاجر الذي تحتفل بها بلادنا هذا اليوم، ومادام يوجد بين ظهرانينا عدد وافر من المهاجرين بمناسبة العطلة الصيفية، أحببت أن أخصص هذه الخطبة الثانية لهذه الفئة، فأقول مستعينا بالله: إذا كان الأخوات والإخوة المهاجرون خارج أرض الوطن إنما هاجروا من أجل طلب الدنيا والسعة في الرزق والرغد في المعيشة، فمنهم من هاجر من أجل العلم ومنهم من هاجر من أجل العمل، ومنهم ومنهم، فهذا كله ليس فيه شيء من حيث الشريعة وما أمر الله به ورسوله، بل بالعكس فإنه يصير جهادا في سبيل الله إذا ابتغي به الإنفاق على الأهل والعيال والأقارب، وخلصت النيات في ابتغاء الدعوة إلى الله ونصرة الإسلام، علما أن السلف الصالح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم ممن تتبعهم بإحسان لم يهاجروا عندما هاجروا طلبا للدنيا، وإنما هاجروا فرارا بدينهم إلى الله تعالى، وكل مناهم أن يبقى دينهم سالما، فحفظ الله عليهم دينهم، وفتح الله عليهم الأرزاق الدنيوية من حيث لم يحتسبوا، بل إن من الصحابة رضي الله عنهم كسيدنا صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه، الذي باع دنياه وسمح فيها، ليلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم يبتغي مرضاة الله تعالى.

أيها الإخوة الكرام، وبهذه المناسبة أحب أن أطرح سؤالا جوهريا، ماهي أهم مسؤوليات وواجبات الإخوة المهاجرين خارج أرض الوطن من أجل نيل رضى الله عز وجل ؟ الجواب، إن كل من اختار الإقامة في أرض المهجر يتحتم عليه رعاية أمرين هامين: أولهما إقامة دين الله في نفسه وأهله وعشيرته ولكل من يتحمل مسؤوليته في تلك البلاد، وأخذ الاحتياط اللازم لذلك أمام كل المغريات والفتن الحادقة، ثانيهما: دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، وتبليغهم الدين بالحسنى، ومعاملتهم بأخلاق الإسلام، وإطلاعهم على سماحة ويسر ووسطية وسلم الإسلام، في زمان كثر فيه اتهام الإسلام بالتشدد والعنف والإرهاب، فالكل إذن مسؤول عن دين الله في هذا الزمان، وقد يسأل سائل كيف لي أن أبلغ الدين وأنا لا أملك الزاد الكافي من العلم الشرعي؟ أقول في الجواب، نعم تستطيع التبليغ والتأثير في غيرك وإن كنت لاتتوفر على الزاد الكافي من العلم، نعم تستطيع التبليغ عن طريق معاملاتك وأخلاقك التي ينبغي أن تعكس قيم الدين الإسلامي الصحيح، تمعنوا في سلفنا الصالح أيها الإخوة والأخوات، فإنهم أوصلوا الدين إلى أقاصي البلدان مشرقا ومغربا بفضل أخلاقهم وتربيتهم وحسن تعاملهم، ولايزال الأمر كذلك اليوم، فكم وكم من الخلق اقتنعوا بالإسلام بفضل معاملة طيبة كريمة من قبل مسلم أو مسلمة؟، والقصص في ذلك كثيرة، وهذا الأمر الذي أقوله للأخوات والإخوة المهاجرين أقوله للجميع، لأن العالم اليوم كما تعلمون أصبح كالقرية الصغيرة، وأصبح الجميع يتعامل عن طريق الهواتف واللوحات الذكية ووسائل التكنولوجية الحديثة، فالكل اليوم يستطيع التبليغ من خلال مختلف التعاليق والأجوبة التي تحررونها في وسائل التواصل الاجتماعي.

ولاننسى جميعا بأننا سفراء لبلدنا في البلدان التي نقيم بها، فكونوا خير سفراء لبلدكم من خلال مختلف تعاملاتكم وتدخلاتكم، ولا ننسى أيضا بأن لبلدنا علينا حقا في التعلق به ونصرة قضاياه ونصرة ثوابته وإعلاء شأنه بين الأمم، وبذل النفع له ولأهله بقدر ماتستطيعون، أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لذلك، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية ليوم الجمعة 10 غشت 2018 الموافق ل 27 من ذي القعدة 1439هـ للدكتور مولاي عبد المغي بصير   

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *