الطريق إلى السـعادة الأسرية
الحمد لله، الحمد لله الذي جعل السعادة ريحانةُ القلوب، ومطلبُ الخلائق المنشود، و جعل سعادة القـلوب في الإقبال إليه، وجعل راحة الأرواح في السجود بين يديه، والصلاة والسلام على أسعد الناس وأعبد الناس نبينا محمد الذي وضَّحَ لنا طريق السعادة، وأنار لنا سُبُل السكينة ..
أما بعد:
فأوصيكم احبتي ونفسي بتقوى الله ـ عز وجل ـ، اتقوه واعبدوه وأنفقــــــوا مما
علكم مستخلفين فيه، وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنتُـــــــمْ تَعْلَمُونَ
[البقرة:42]. افعلوا الخير واسجدوا لربكم واركعوا مع الراكعين
احبتي في الله ، لقد جاء ديننا الحنيف لسعادة البشر ولانتفاء الشر عنهم والضرر ، وذلك في كل مناحي الحياة ، ومن تلك المناحي سعادة الأسرة والتي هي نواة المجتمع. وصلاحها يكون لبنة في صلاح المجتمع كما أن فسادها يكون معول هدم في صرح المجتمع .وجعل الاسلام من مقومات السعادة ، المودة والرحمة والسكن فلا سعادة بلا مودة أو سكينة أو تراحم قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة …) الآية
ولاشك أننا جميعا نتساؤل صباح مساء كيف الطريق إلى السعادة الأسرية ؟ وما هي اسباب هذه السعادة الاسرية المنشودة ؟
اخوتي في الله : إن أسباب السعادة كثيرة، ولها أساليب وطرق للحصول عليها وتثبيتها في الأسرة المسلمة،وسنحاول إنشاء الله في هذه الخطبة المباركة أن نقف عند بعض الأساليب التي يمكن أن تجلب السعادة للأسرة المسلمة، ولكن قبل ذلك لابد أن نؤكد بان تعريف السعادة يبقى أمرا نسبيا يختلف من شخص لأخر ،فمن الناس من يراها في المال الوفير والعيش الرغيد ، ومنهم من يراها في المنصب العالي والمركز المرموق ، ومنهم من يراها في الشهرة والجاه العريض ولكن فهل حقا وجد هؤلاء لذة السعادة وعرفوا كنهها؟
إن السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان يشعر به بين جوانبه فهو أمر معنوي لا يُقاس بالكم ، ولا يشترى بالمال، بل هي صفاء نفس وطمأنينة قلب وراحة ضمير وانشراح صدر . السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة.
وكما قال ابن القيم رحمه الله: “في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته وإلإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ” .
إذن أيها الأحبة فان السعادة لا يمكن أن تحصل إلا بالإيمان واليقين في المقام الأول .وديننا قد جاء بما يكفل السعادة للمسلم بل ونهى عن الحزن قال تعالى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ) .
اخوتي في الله
كما اسلفنا هناك أساليب وطرق شتى يذكرها المهتمون من شأنها ان تحقق السعادة للأسرة ومنها :
1- التمسك بديننا الحنيف، والمحافظة عليه ، فعلى قدر تمسك الإنسان بدينه وتعاليمه تتحقق السعادة له شخصيا ولمن حوله، فإذا حسن الإنسان علاقته مع الله تحسنت علاقته مع محيطه أولا ومع الناس بعد ذلك ، وبالتالي تتحقق له السعادة. مصداقا لقوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] في الدنيا بالقناعة والسعادة والرزق الحلال، ثم قال: ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، هذه الآية أساس السعادة؛ فمن حققها كانت له السعادة.وكما قال احد السلف الصالح :
“أصلحْ سريرتَك، يصلح اللهُ علانيتَك، وأصلح فيما بينك وبين الله، يصلحِ الله فيما بينك وبين الناس، واعمل لآخرتك، يكفِك الله أمر دنياك، وبِعْ دنياك بآخرتك تربَحْهما جَميعًا، ولا تبع آخرتك بدنياك، فتخسرهما جميعًا”.
–الأمر الثاني لتحقق السعادة الأسرية هو قراءة القرآن: فإذا كنت تريد السعادة أخي الفاضل أختي الفاضلة اقرءوا القرآن؛ فإنه هو السعادة، ومنه تنبع، وبه تنمو، وإليه ترجع؛ وكما قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: ما رأيتُ شيئًا يغذِّي العقل والروح، ويحفظ الجسم، ويضمن السعادة: أكثرَ من إدامة النظر في كتاب الله تعالى!
-. الدعاء؛ هو سلاحنا ضد الشقاوة، أدعو الله أن يحقِّقَ لك السعادة، وأن يجلبها لك، وأن يعينك على تحقيقها، وعلى إسعاد نفسك ومن حولك.
–. بر الولدين؛ فهما أساس السعادة، ورأس مالها، وكما أنك تريد السعادة في نفسك وفي أسرتك أسعِدْ بيت والديك، فطلب رضائهما وتحقيق رغباتهما سعادة لك ولهما، والأدلة في هذا لا تحصى ولا تُعَد مِن الشرع ومن الواقع.
– صلة الأرحام، أسعدهم تسعد، أحسن إليهم يحسن الله إليك، صِلهم تصلك السعادة؛ فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه، أو يُنسَأَ له في أثره – فليصِلْ رَحِمَه((، ومن أهم آثار السعادة: الرِّزق الواسع، والذِّكر الحسن.
إخوتي في الله
قبل الحديث عن سعادة الأسرة وكيفية تحققها لا بد أن نعلم أن البيت لا يخلو من المشاكل، بل هي سنة كونية، لم يسلم منها حتى بيت النبوة، بيت إمام السعداء صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك من القصص ما يغني، ولكن لكل مشكلة حل. أما عن كيفية تحقق السعادة الأسرية فيمكننا اتباع الخطوات التالية :
– حسن الاختيار؛ وذلك عند إرادة الزواج واختيار الزوجة الصالحة، وميزان النجاح والسعادة في الاختيار هو توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((تُنكَحُ المرأة لأربعٍ: لمالها، ولحسَبها، ولجمالها، ولدِينها؛ فاظفَرْ بذات الدين ترِبَتْ يداك))
ومَن فاته هذا الأمر ولم يحسن الاختيار، فعليه أن يصلح ما اختاره – سواء الزوج أو الزوجة – فإن المرء لا يعدم من خير؛ وذلك بالدعاء له، وحثه على الخير والعمل الصالح، والمعاملة الحسنة، والتسابق إلى الخير، وإلى الطاعات، وغير ذلك.
– المعاشرة بالمعروف، لقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية كالكلام الطيب والصحبة الجميلة ، وكف الأذى وبذل الإحسان ، وحسن المعاملة ، والصفح عن الزلات . فما أحوج بيوتنا إلى تطبيق هذه المعاشرة ، وما أجدرنا أن نعوّد ألسنتنا على الكلام الطيب في حياتنا الأسرية ، ومما يصل بالكلمة طريقة إلقائها فقد تزيد هذه الطريقة إن كانت حلوة عذبة من تأثيرها وما أجدرنا أن نعوّد عضلات وجوهنا الابتسامة التي تبسط أكثر المسائل تعقيداً ، وتمنحنا قوة في التغلب على كثير من المصاعب .
وإليكم احبتي في الله موقفاً عظيما من بيت النبوة لأسوتكم عليه الصلاة والسلام وما كان عليه من معاشرة حسنة لأهله ، فقد روى مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ قلت : لا . قال : فإني إذا صائم ، ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيساً فقال : أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل .ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت : والله لقد كان ضحوكا إذا ولج سكوتا إذا خرج آكلا ما وجد غير سائلاعما فقد .
– إبراز جانب المحبة دومًا، وذكر ذلك لمن تحب؛ لِما في ذلك من إسعاد الحبيب وإيناسه؛ فعن المقدام بن معدي كرب: أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا أحب أحدكم أخاه، فليُعْلِمْه أنه يحبه) ، فما بالك في حق الزوجين وفي حق الأسرة نفسها؟!
–التغافل عن الأخطاء، وهو سبب رئيسي في جلب السعادة؛ فقد قال ابن الجوزي – رحمه الله -: “ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام؛ فإن الناس مجبولون على الزلات والأخطاء، فإن اهتمَّ المرء بكل زلة وخطيئة، تعِب وأتعَب غيره، والعاقل الذكي من لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه، وأصحابه وجيرانه؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله -: “تسعة أعشار حُسن الخُلق في التغافل” .
– الثناء المستمر، وإبراز الإنجازات؛ فشكر كل شخص في الأسرة على ما يقدم من صغيرة وكبيرة سيجعله يستمر ويزيد في الإنتاج، ويحصل الرضا، وتستديم المحبة والسعادة؛ لأن النفس مجبولة على حب المدح، والاعتراف بالجميل، والثناء عليه.
– إيجاد جو أسري تسوده المحبة والألفة بل والمرح أحياناً.وهذا هو المنهج النبوي الكريم فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب الحسن والحسين رضي الله عنهما فيمشي على يديه وركبتيه ويتعلقان به من الجانبين فيمشي بهما ويقول : نعم الجمل جملكما ونعم العِدلان أنتما . فالجلسات العائلية، من شأنها ان تقوِّي المحبة بين أفراد الأسرة، وإصلاح ذات البين، والاطلاع على هموم كل فرد من الأسرة، ومساعدته في حلها.
–عدم الإكثار من الطلبات، حتى وإن كان الشخص قادرًا على تنفيذها، بل قم بتنفيذ عملك بنفسك إن كنت قادرًا عليه، فإن ذلك يزعج الشخص الآخر، ويكدر عليه نفسه، سواء الزوج أو الزوجة أو الأبناء؛ فقد روي عن الأسود بن يزيد، قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: “كان يكون في مهنة أهله – تعني: خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة” ، وقد سأل رجل عائشة – رضي الله عنها -: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته شيئًا؟! قالت: “نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصِف نعله، ويَخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته” .
–الاهتمام بالشخصية والمظهر، وهذا لا تختص به الزوجة فقط، بل كل أفراد العائلة؛ فالاهتمام بحُسن الملبَس والشكل يجلب المحبة والاستئناس بالشخص، وحب الجلوس معه، فكما أنك تتزين إذا أردت الخروج ومقابلة الناس، تزين لأهلك وأفراد أسرتك؛ فهم أحق بذلك، عند الجلوس معهم والحديث إليهم؛ ولكن بغير إفراط ولا تفريط.
–الإعراض عن كل ما يزعج أفراد العائلة، والتنازل عن بعض الرغبات من أجل العائلة – خاصة وإن لم تكن ضرورة – حتى تبقى الألفة، وتستديم المحبة، وتنتشر السعادة، من خلال تقديم رغبة الغير على رغبتك.
–تنفيذ طلبات الوالدين، ومن له حق عليك، في كل صغيرة وكبيرة، من المعروف على قدر المستطاع دون نسيان الابتسامة والبشاشة مع كل فرد من الأسرة،والتحلي بالأخلاق والآداب العامة، وكتمان الغيظ، والصبر على الخطأ، ومحاولة إسعاد من معك أو من أنت معهم بأي وسيلة مباحة.والأهم من كل ذلك هو فتح قنوات المصارحة والحوار الهادئ بعيدا عن التعنيف والاتهام. لأن الحوار الهادئ يبقى أنجع سبيل لحل المشاكل الأسرية ، فهو يؤدي إلى فهم الموضوع على وجهه الصحيح ووضع الحل المناسب للمشكلة .وتعزيز روح الثقة بالنفس وإبداء الرأي كل الأطراف .ويحد من استعمال العنف أو اللجوء إلى التصرفات الغير محمودة كالضرب أو الشتم أو السب أو حتى الطرد من البيت مما قد تكون له الانعكاسات الوخيمة . كما أن من شأن الحوار الهادئ أن يبعد الآباء عن المشاكل الصحية كارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون وغيرها من الأمراض.
وأخيرا القدوة الحسنة وهي من أرقى الوسائل وأكثرها قدرة على التأثير في التربية وفي صلاح الأولاد وبالتالي صلاحِ الأسرة فإذا كان المربي صادقا أمينا كريما عفيفا نشأ الولد على الصدق والأمانة والكرم والعفة ، والعكس بالعكس .
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمد – صلى الله عليه وسلم -، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، الحمد لله على سعة عطائه، والشكرُ له على جزيل آلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ووحدانيته وصفاته وأسمائه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه رفعَ له ذِكرَه في أرضِه وسمائه، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه وأحِبَّائه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم لقائه.
أما بعد إخوتي في الله
اعلموا رعاكم الله السعادة الزوجية ليست ضربة حظ , ولكنها تخطيط وفن ومهارة تتطلب ثقافة عالية في التعامل.ويتم التخطيط لها من لحظة الخطبة واختيار طرفي العلاقة وتأسيس عش الزوجين،ويستمر التخطيط بعد إنجاب الأبناء وتربيتهم وفق طرق وأساليب نابعة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واعلموا ان السعادة .تتحقق بإذن الله حين نصل بالحوار إلى نقطة مشتركة يسودها جو المودة والحب والتنازل من أحد الطرفين .
واعلموا رعاكم الله انه من السهل على الزوجة أن تسعد زوجها وذلك بطاعته وحفظ ماله وتربية عياله وأن يكون هو محط اهتمامها الأول فتحرص على أناقتها وجمالها وزينتها وتدخل السرور على قلبه بحسن عشرتها وتلبية رغباته وتفهم احتياجاته وتقدير أهله والابتعاد عن كل ما يثير المشاكل والنكد وأولا وأخيرا تتقي الله فيه وتكثر من الدعاء , واعلموا أيها الإخوة أن الرجل بدوره يمكنه أن يسعد زوجته وذلك بتلبية احتياجاتها من مصروف ونفقة وعدم التقتير على أولاده وبحسن تعامله وطيب أخلاقه وسعة صدره وعظيم صبره وأخيرا فإذا ما حرص كلا الزوجين على سعادة الآخر ؛فإن ذلك كفيل بتهيئة جو أسري سعيد للأبناء.
واعلموا عباد الله أن سعادة القلب، منوطة بالطاعة والتقوى، واعلموا ان من أسباب القلق ـ اخوتي في الله ـ التهاونُ بشأن الصلاة أو التقليل منها، ورسول الله يقول: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة )) [رواه أحمد والنسائي][4].
(وكان إذا حزنه أمر اشتد عليه لجأ إلى الصلاة) [رواه أحمد وأبو داود][5]. ثم إن ترك الذكر والدعاء والاستغفار، محل للشقاء والهم والحزن، ولذا كان لزاما على من ينشد السعادة ألا يغفل هذا الأمر المهم، بل عليه أن يمسك بزمامه، ويعضّ عليه بالنواجذ، وليستحضر قول النبي : ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)) [رواه أبو داود والنسائي][6].
ولقد دخل رسول الله المسجد ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة فقال: ((يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟)) قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله. قال: ((أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك)) قال: بلى يا رسول الله، قال: ((قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)). وقال أبو أمامة: “ففعلت ذلك، فأذهب الله همي وقضى عني ديني”. [رواه أبو داود][7].
هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله، فقال – وهو الصادقُ في قِيلِه – قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين .اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر
والتقوى، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وألبِسه لباسَ الصحةِ والعافية، وأمِدَّ في عُمره على طاعتك، واجمَع به كلمةَ المسلمين على الحق والهُدى يا رب العالمين.اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
للهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال.اللهم اغننا بحَلالِك عن حرامك وبفضلك عمَّن سواك
اللهم أحسن خاتمتنا و توفنا وأنت راض عنا يا ارحم الراحمين ويا رب العالمين .رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار [البقرة:201].سبحان ربك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.