الطرق السلبية في استغلال حقوق الإنسان

الحمد لله الذي أصبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، ﴿وأتاكم من كل ما سألتموه﴾، ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾، وسعت رحمته كل شيء خلقه، وشمل فضله كل شيء فطره، وملأ كرمه

ما بين السماء والأرض، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي يوم القيامة: «أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام»، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة سيدنا محمد ﷺ، أشرف نبي أرسل وخير من مشى على قدم، فيا رب شفعه فينا يوم لا ولد يغني ولا كثرة الأموال والحشم.
أيها الحضور الكريم، تحية من الله مباركة طيبة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أتوجه بالشكر إلى السادة الشيوخ وكل القائمين على هذه الزاوية وعلى هذا الملتقى، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وأيضا على حسن اختيار هذا الموضوع، وهي بذلك لا تريد أن يبقى نورها وخيرها حديث الجدران، وإنما أرادت تلمس الداء أينما كان ووصف الدواء وإصلاح ما أفسد الناس، وتظهر جليا أهمية وحسن اختيار هذا الموضوع: «حقوق الإنسان»، وخاصة في ضوء ما يعيشه العالم من هدر لكرامة الإنسان وهضم لحقوقه، بل الظلم الذي أخرج الإنسان بطريقة أو بأخرى من إنسانيته وانقلبت الموازين واختلت المفاهيم، وسبحان الله، صدق رسول الله ﷺ، وكأنه رفعت له حجب الغيب ويرى اللوثة الفكرية التي أصابت المسلمين والبشرية عندما يقول للصحابة رضي الله عنهم: «كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر؟» قالوا: وكائن ذلك؟ قال: «نعم، وأشد منه يكون، كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكرا، ورأيتم المنكر معروفا؟» قالوا: وكائن ذلك؟ قال: «وأشد منه سيكون»، قال: «كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟» قالوا: وكائن ذلك؟، قال: «وأشد منه سيكون»، قال: «كيف أنتم إذا أصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا»، وانقلبت المفاهيم، لذا كان ولابد لكل العقلاء من محطات تستحضر الصورة الحقيقية للإنسان، وتعيد تذكيره بإنسانيته، وإن هذه المحطة، هذا الملتقى، تتجلى أهميته والتوفيق في اختيار موضوعه لعدة اعتبارات:
الاعتبار الأول: أن الالتفات لحقوق الإنسان ووجوب الحفاظ عليها وعدم هدمها وهضرها أصبحت تحضى باهتمام عالمي، ترصد دقائقها في أي مكان من العالم، منظمات جمعيات، هيئات ترصد لها ميزانيات تساوي أحيانا حتى ميزانيات دول.
الاعتبار الثاني: الذي يعطي أهمية لهذا الموضوع، أنه يوضح التوجه الإيجابي للزاوية وكذلك لكثير من الزوايا لضرورة إخراح النور والخير والإيجابية الكامنة فيها، وبين جدرانها لتنير ظلام البشرية، وإنه لنداء ودعوة لكل الصالحين في أي موقع كانوا للخروج إلى المجتمع وتلمس آلامه وتحريك آماله، وهكذا كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم، سأل النبي ﷺ، صحابته: «من أصبح منكم اليوم صائما؟ فقال أبو بكر: أنا، فقال: من عاد منكم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: من اتبع جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: من تصدق اليوم؟ قال أبو بكر: أنا، قال: ما اجتمعت هذه الصفات في رجل إلا كان من أهل الجنة».
وسئل أبو ذر رضي الله عنه، سأله رجل، «يا أبا ذر: رجل يريد أن يفعل خيرا، قال: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال: فإن لم يستطيع، قال: يومط الأذى عن الطريق، قال: فإن لم يستطع، قال: يصب في دلاء الناس، قال: فإن لم يستطع، قال: يكف شره عن الناس، قال فإن لم يستطع، قال: أدعوا الله أن ينزل عليه صاعقة من السماء تريح منه البلاد والعباد».
الاعتبار الثالث: تفويت الفرصة – يعني الزوايا – عندما تتطرق إلى مثل هذه المواضيع، الصالحون عندما ينخرطون في المجتمع ويغيرون تفوت الفرصة على المتاجرين بحقوق الإنسان، والمعالجين المرض بالمرض، بإظهار البديل الإيجابي، وإعادة حقوق الإنسان إلى منبع الوحي، نقول لهم: طلع الصباح فأطفئ القنديل، والطبيعة لا تقبل الفراغ، والنفس والمجتمع إن لم تشغله بالخير اشتغل بالشر.
الاعتبار الرابع: الذي يعطي أهمية لهذا الملتقى، تفعيل دور العلماء في إصلاح وقيادة المجتمع، فالأمة التي لا تقرأ تاريخها لا مستقبل لها، والأمة التي لا تكرم ولا تتبع علماءها لاتستحق التكريم، وكلكم تعرفون قصة العز بن عبد السلام، دائما نتساءل لماذا أوروبا أحسن منا في كثير من الميادين؟ لماذا أمريكا أحسن منا في كثير من الميادين؟ لو عدنا إلى  قصة العز بن عبد السلام لعرفنا السبب، لما أفتى العز بن عبد السلام أنه لا يجوز لمسلم أن يستعين بكافر على أخيه المسلم، ردا على أحد الأمراء الذي استعان بالنصارى على إخوانه، فسجنه هذا الأمير، وفي هذه الأثناء جاء وفد من النصارى وسمعوا الكلام واللغط، فلما سألوا واستفسروا، قال: هذا أحد علماء أمتي وأنه أفتى للأمة أنه لا يجوز الاستعانة بكم فسجنته، تخيلوا ماذا قالوا له، قالوا: والله لو كان مثل هذا عندنا لشربنا الماء الذي يغسل به رجليه، لما أطاعوا علماءهم واتبعوا علماءهم عزوا، ونحن كذلك إذا عدنا إلى علمائنا، لاستشارتهم ولاتباعهم، يكون لنا النصر بإذن الله.
المحور الأول في هذه المداخلة أن أول من كرم الإنسان وحافظ على حقوقه، وبوأه المكانة اللائقة هو خالقه، هو أعرف الناس بعباده، «قالت الأرض يا رب إن عبادك طغوا دعني أطبق عليهم، وقالت البحار يارب إن عبادك قد أكلوا رزقك وعصوك دعني أغرقهم، فقال الله عز وجل: اأنتم خلقتموهم؟ قالوا: لا، قال: لو خلقتموهم لرحمتموهم». إنها رحمة الله ورعايته، وتتجلى رعاية الله للإنسان ولحقوقه بكل أنواعها في الديانات السماوية قبل أن يقع التحريف والتغيير، أول جيل عاش على وجه الأرض يغوي الشيطان أحدهم فيقتل أخاه، فينزل الحكم الإلهي واضحا قاطعا فاصلا مزلزلا: ﴿فكأنما قتل الناس جميعا﴾، فإذا كان تعداد البشرية يفوق خمس ملايير، فكل نفس تقتل بغير حق، ومن أي دين كانت، فكل من فعل هذا فالله عز وجل يقول له: لقد قتلت خمسة ملايير إنسان، إنه لعز من الله للإنسان، وأوضح وأعظم صور التكريم جاءت في الإسلام.
وفي تطبيقات العصور الأولى والعصور الذهبية للمسلمين، فالقرآن بنصوصه الواضحة الجلية حسم في هذا الموضوع: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾، ﴿إن هو إلا ذكر للعالمين﴾، وزين العابدين بن علي رحمة الله عليهم أجمعين كان يصلي عند الكعبة المشرفة ويبكي، ومن شدة مناجاته أغمي عليه، فجاءه أحد الأشراف فقال: يا ابن رسول الله ﷺ، أنت من معدن النبوة ومشكاة الرسالة وأهل البيت، ﴿إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾، فقال له: إليك عني، إن الله كتب الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا، وكتب النار على لمن عصاه ولو كان عربيا قرشيا، ألم تقرأ قول الله تعالى: ﴿فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون﴾، إنه العز الحقيقي للإنسان.
وأحاديث النبي ﷺ وسيرته تبهر العقول برفع كرامة الإنسان إلى أعلى مسار، فآخر خطبة في حجة الوداع، التي هي خلاصة للإسلام، دوى صوت النبي ﷺ وهو يقول : «فليبلغ الشاهد الغائب، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا كلكم لآدم وآدم من تراب» وقال: «من قتل من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة»، وتتواصل السلسلة الذهبية للمسلمين في نصر الحق وإعادة الحق للإنسان، وكلنا يتذكر فتح سمرقند، حين دخلها المسلمون على حين غرة فوجدوا الظروف مواتية فدخلوها دون أن يعرضوا الإسلام أو الجزية أو الحرب، ودخل العديد منهم في دين الله عز وجل، وبنيت المساجد فقامت طائفة منهم لما عرفوا هذا الدين وبعض مفاهيمه، أرسلوا وفدا إلى عمر ابن عبد العزيز، يشكون من المسلمين أنهم دخلوا مدينتهم بغير الشرع الذي يتبعونه، ووصل وفدهم وقالوا: «أين قصر الخليفة؟»، فقيل لهم الخليفة ليس له قصر، وهاهو بيته، فلما وصلوا وجدوا رجلا يلبس بيته بالجبص فسألوا؟، فقال: أنا الخليفة، ما حاجتكم؟ فاندهشوا وتوقفت الكلمات في شفاههم، لما عرضوا عليه الأمر، أخذ الرسالة وكتب في ظهرها إلى قاضي مدينة سمرقند ليحكم بينهم، وعادوا في دهشة وحيرة، متشائمين، فلما وصلوا إلى قاضي سمرقند، أحضر القائد المسلم وأحضر من يمثلهم، وسمع منهم وأصدر الحكم العجيب، بأن يخرج كل المسلمين من مدينة سمرقند، وأن يعرضوا الإسلام عليهم كما جاء في الشريعة الإسلامية، ورأى أهل سمرقند كل المسلمين بخيلهم وجيوشهم ونساءهم وأولادهم، يخرجون من المدينة ويتساءلون؟، ولما سمعوا بهذا الأمر دخلوا كلهم في دين الله أفواجا.
وكلنا يستحضر قصة عمرو بن العاص، كما ذكر شيوخنا، وابنه مع القبطي، وكيف قطع هذا القبطي الصحاري لما عرف أن هذا الدين دين عز ودين كرامة الإنسان، ليقدم شكواه إلى سيدنا عمر رضي الله عنه، الذي قال كلمة لو كتبت بماء الذهب لاستحقته، والله لو قالها أوربي لتعلموها، ولظل الجيل بعد الجيل يرويها: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟».
والحقوق التي أعطاها الإسلام متنوعة:
أولها حق الله بطاعته ومحبته والخوف منه ورجائه وامتثال أوامره؛  
وحقوق النبي ﷺ، بتقديم محبته على جميع الناس، وتوقيره وتصديقه، والدفاع عن شريعته ونصرته، والاقتداء به؛
حقوق الوالدين وطاعتهما؛ حقوق الأولاد ومنها تربيتهم على الفضيلة والأخلاق وتنمية وغرس الأخلاق في نفوسهم؛ حقوق الأقارب، وكلنا يعرف خطورة صلة الرحم، والاستهانة بها؛ حقوق الزوجين؛ وحقوق الولاة والرعية على الولاة رعايتهم وعلى الأمة  بطاعتهم؛ ومن أحكامنا حقوق الجيران، وكلنا نعرف قصة أبا حنيفة مع جاره الذي كان يتعاطى الخمر، وفي كل ليلة يغني:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا          ليوم كريهة وسداد ثغر
وليلة من الليالي لم يسمع أبو حنيفة هذا الغناء، وفي الصباح سأل، فقيل له إن الشرطة أمسكته مخمورا وأخذته إلى السجن، ويتحرك الإمام أبو حنيفة ولم يقف بباب الوالي ولو مرة، لكن من أجل جاره يقف، ولما يسمع به الوالي يرحب به ويجلسه بجانبه ويقول له: يا إمام لو دعوتنا لأتينا إليك، وما حاجتك؟ قال جاري كذا كذا، قال أطلقوه، وأطلقوا كل من معه في السجن إكراما للإمام أبي حنيفة، فلما خرج قال له ياهذا هل ترى أضعناك؟ وقال والله ماأضعتني، وكان هذا سببا لتوبته؛
وحقوق المسلمين عموما، حق المسلم على المسلم ست، وحق غير المسلمين من المستأمنين، والمعاهدين وغيرهم بحمايتهم.
إن القرآن، إن الإسلام، إن الوحي الذي وحد العرب ووحد المسلمين وأيقظ البشرية سابقا مازال هو هو، لم يتغير وهو قادر على تغيير حالنا وتوحيد صفوفنا ولله در الشاعر أحمد شوقي، عندما يوصي كل حاج عندما يزور قبر النبي ﷺ، وتدمع عيناه:
قل لرسول الله يا خير مرسل   أبــــثك ما تدري من الحســـرات  
شعوبك في شرق البلاد وغــــربها       كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران ذكـــر وســـنة     فـــــما بالهم في حالك الظلمات؟
وجاء فرنسي إلى أحد الجزائريين خلال الثورة، أليس دينكم يقول: ﴿ولن يجعل الله للكافرين على المومنين سبيلا﴾، قال: نعم، قال: نحن الكفار سلطنا الله على المسلمين، فقرآنكم خاطئ، قال: لا، القرآن هو هو، وأنتم الكفار، لكن لسنا نحن المومنين الذين تحدث القرآن عنهم.
ويروي لنا الشيخ راتب النابلسي حفظه الله وفرج عنه وعن إخواننا في سوريا، أن شابا أعجب ببنت في أوروبا، نصرانية وأراد أن يتزوجها، لما عرض الأمر على والديه رفضا، وقالا: نقبل بشرط أن تدخل في الإسلام، فعرض عليها الأمر، فقالت: أنا لا ادخل في دين لاأعرفه، علمني هذا الدين، فأعطاها مصحفا مترجما، ومحاضرات في أقراص ومجلات وغير ذلك، وقالت أمهلني أشهرا، ولما انتهت المدة وإذا بهاتفه يرن، يسمع خبرين، الخبر الأول كاد أن يطير من الفرح، والخبر الثاني كاد أن يسقط على الأرض، الخبر الأول: قالت له أبشر لقد أعجبت بهذا الدين العظيم، وأني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ﷺ، الخبر الثاني: أني لن أتزوج بك، لأني حسب ما درست أنت لست مسلما، فماذا لو جاءت إلى بلاد المسلمين ورأت أحوالهم ورأت أخلاقهم وغيرها.
الآن نتحدث عن  الصفحات المظلمة للغرب، من أين نبدأها وإلى أين يمكن أن نصل؟ هي سلسلة لا تنتهي، أين الهنود الحمر؟ نظام الأبرتاي الذي يفاضل بين الإنسان الأبيض والإنسان الأسود.  
قصة وقعت لأحد المثقفين الجزائريين، دخل إلى مقهى وجد إنسانا يلبس ثيابا أنيقة جميلة  لكنه بدأ يتكلم بكلام سوقي لا يليق، قال له ياهذا، إما أن تتكلم مثل لباسك أو تلبس مثل كلامك، ونحن نقول للغرب ولزعمائه ومثقفيه، إما ان ترتفعوا إلى الشعارات التي تحملونها من الأخوة ومن المساواة وغيرها، وإما تسقطوا هذه الشعارات وتظهروا على حقيقتكم، ونقول لهم:
يا باريَ القوس بريا ليس يحسنـه       لا تظلم القوس أعطِ القوس باريها
يعني قتل العلماء الذين قالوا بكروية الأرض، وقتل العلماء الذين قالوا بأن قوس قزح ظاهرة طبيعية، ومؤتمرات تعقد في الغرب في القرون السابقة وتخلص إلى أن المرأة شيطان، إلى غيرها، صفحات مظلمة، في الجزائر تسعة ملايين شهيد سقطوا خلال الفترة الاستعمارية، ونحن في الجزائر نستأنس بقول الأستاذ مولود قاسم الذي يقول: الاستدمار وليس الاستعمار، لأن الاستعمار من عمر يعمر، وفرنسا وغيرها دمرت ولم تعمر، صفحات مظلمة، في يوم واحد 45 ألف قتيل، في فلسطين في العراق في بورما، لو عددناها لتكسرت النصال على النصال، إن الغرب يكيل بمكيالين.
قتل شعـب بأكمله مسألة فيها نــظر       
وقتل وحش في غابة جريمة لا تغتفر
تدخلاتهم، استغلالهم لحقوق الإنسان للتدخل في شؤون الدول، ولا يتركون فرصة إلا ويستغلونها للتدخل في شؤون الدول، استغلوا حقوق الإنسان لإفراغ المناهج التربوية للدول الإسلامية من محتواها الإسلامي، استغلوا حقوق الإنسان وحقوق السجين لتقوية الإجرام في الدول الإسلامية، فأصبح السجين يتمتع بحقوق لا يتمتع بها من هو خارج السجن، استغلال حقوق الإنسان لنشر الرذيلة باسم حرية المرأة، كما جادلوا من أجل زواج المرأة من عدة رجال.
في مرة من المرات جاءت إحداهن، وهي الدكتورة نوال السعداوي، إلى الجزائر لتعرض فكرها، لكن بفضل الله قيد لها الشيخ شمس الدين، فأدبها تأديبا فرت من وراءه ولم تنسه أبدا، تقول في كتابها، وعرضه الشيخ أمام الناس، أن المرأة إذا كان زوجها فقيرا، فوجدت لها حلا من هذا الفقر، أن تبقى في عصمته وتتزوج برجل غني، وتنفق على زوجها الفقير، فضجت قاعة الجامعة بالصراخ، وطردوها شر طردة.
وأرادوا غرس أقليات دينية في البلدان الإسلامية، لإيجاد مبرر للتدخل في شؤون الدول، ويثيرون بعض القضايا في بعض الدول، ويحدث في بلدان أخرى أضعاف ذلك ولا يتحدثون، إنه ازدواج في المعايير، لكن هذا الداء، فأين الدواء؟
الدواء أولا أن نعرف عظمة هذا الدين، وسموه ونوره، وحكمة الشريعة الإسلامية، حتى أن الكثير من الأوربيين الذين عادوا إلى دين الله عز وجل، يقولوا للمسلمين إننا لن نسامحكم، لأن آباءنا ماتوا على الكفر، ولم توصلوا لنا هذا الدين العظيم حتى ننقذهم من النار.
ومن الحلول الاطلاع المتوازن والعميق على هذا الدين، وعلى عظمته.  
الأمر الثاني التطبيق السليم والصحيح والمتوازن لهذا الدين، ويعجبني قول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: إنك لتضحك الضحك الذي هو شر من البكاء عندما تعلم أن المغاربة – يقصد المغرب العربي – كانوا أشد الناس حفظا للقرآن، وأن المصريين كانوا أحسن الناس تغنيا به، وأن الأتراك كانوا أحسن الناس كتابة له، ثم ماذا؟ أين العمل به في حنايا النفس وأرجاء المجتمع، وأحشاء الدولة؟ وأين العمل به في تزكية القلب، وترقية اللب، وإشاعة البر والتعاون؟  
ثالثا: تعريف البشرية بعظمة هذا الدين وبنصاعته، وأفضل تعريف يكون بالقدوة، وقعت عندنا حادثة في الجزائر، أن أحد الشباب تنصر في غفلة عن أهله، وقطع أشواطا كبيرة فيها، وأصبح من دعاتها، ثم تاب الله عليه، فقال: إن سبب توبتي ثلاث: القرآن الكريم، إذ كانوا في كل مرة يذمون القرآن، ينتقدون القرآن، ويشتمون القرآن، وقلت أنا: القرآن موجود في بيتي وفي مسجد الحي فلماذا لا أقرأه؟ فلما قرأته أحسست بزلزال في قلبي، والسبب الثاني قال: ذهبت إلى إمام الحي فوضع يده على صدري وقرأ سورة مريم فأحسست أن شيئا خرج مني، والسبب الثالث: قال عندنا في قريتنا شخص اسمه الصديق يجسد الإسلام على حقيقته، الصلاة في وقتها، صلة الرحم، زيارة المرضى، مساعدة الفقراء، معاونة الجيران، فقلت مستحيل أن يكون هذا الإنسان ضالا، وقال في مناظرة من المناظرات: قالوا لي أنتم المسلمون لديكم أرواح شيطانية تتحدث على لسانكم، فقلت لهم: نعم نحن، ولكن الشيخ الصديق، فسكتوا ولم يتكلم منهم أحد.  
فأفضل دعوة أن نخرج شبابا، جيلا صالحا عارفا بدينه، يعيشه في حياته، لدعوة البشرية إلى عظمة هذا الدين.

مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *