الرحمة مع المخالفين

 

د/عبد الهادي السبيوي

الرحمة مع المخالفين

الْحَمْدُ للهِ عَلَى سَعَةِ رَحْمَتِهِ، وَشُمُولِ فَضْـلِهِ وَنِعْمَتِهِ، سُبْحَانَهُ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ تَكَرُّمًا وَفَضْـلاً، وَأَوْجَبَهَا عَلَى النَّاسِ حَقًّا وَعَدْلاً، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَ بِالتَّدَبُّرِ فِي رَحْمَتِهِ فَقَالَ: ” فانظر الى آثار رحمة الله “” وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، المَبْعُوثُ بِالرَّحْمَةِ هَدْيًا وَإِرْشَادًا، المَوْصُوفُ بِالمَكَارِمِ خُلُقًا وَاجْـتِهَادًا،  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ،

عِبَادَ اللهِ: مِنْ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى أَنْ جَعَلَ الأَخْلاقَ سِرَّ بَقَاءِ الشُّعُوبِ، وَقِوَامَ الأُمَمِ، فَمَنْ أَخَذَ مِنَ الأَخْلاقِ بِنَصِيبٍ وَافِرٍ عَلَتْ مَنْزِلَتُهُ بَيْنَ النَّاس، فَكَانَ حُبُّهُمْ لَهُ بِمَزِيَّةِ أَخْلاقِهِ، وَكَرِيمِ صَنَائِعِهِ، وَمِنْ أَجَلِّ الأَخْلاقِ الحَمِيدَةِ، وَمَرَافِئِهَا السَّدِيدَةِ، خُلُقُ الرَّحْمَةِ بَيْنَ العِبَادِ، وَالتَّرَاحُمِ بَيْنَ المَخْلُوقَاتِ، فَبِهَذَا اتَّصَفَ اللهُ تَعَالَى، فَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، يَتَكَرَّرُ هَذَا الوَصْفُ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ، وَيَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ مَلائِكَتُهُ المُقَرَّبُونَ فَيَقُولُونَ:”ربنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ”وَمِنْ دُعَاءِ المُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ: وقل ” رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُالرَّاحِمِينَ ” وَلَقَدْ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّـنَا مُحَمَّدًا  بِهِدَايَةِ الرَّحْمَةِ، وَجَاءَتْ تَشْرِيعَاتُ رِسَالَتِهِ عَلَى وَفْقِ مَبَادِئِهَا، فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: . ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” الأنبياء 107 . ، فَهُوَ رَحْمَةٌ لِلْبَشَرِ جَمِيعًا، لَقَدْ لاَنَ قَلْبُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَرَأَفَ بِهِمْ فَامتَدَحَهُ اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ:  ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾ .التوبة ( 28 ).

إخوتي في الله :

لَقَدْ تَحَدَّث القُرآنُ عَنْ أَثَرِ الرَّحْمَةِ الَّتِي اتَّصَفَ بِهَا فِي مَسِيرَةِ حَيَاتِهِ، حَتَّى إِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مِفْتَاحٍ لِلنَّجَاحِ فِي مُعَامَلَةِ النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) فَغِلْظَةُ القَلْبِ وَالفَظَاظَةُ كَفِيلَةٌ بَتَفْرِيقِ الأَتْبَاعِ وَطَرْدِ الأَصْحَابِ، فَالرَّحْمَةُ صِفَةٌ أَسَاسِيَّةٌ فِي المُسلِمِ، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم  دَاعِيَةً رَحِيمًا، فَمِنْ رَحْمَتِهِ حِرْصُهُ عَلَى إِيْمَانِ النَّاسِ وَرَأْفَتُهُ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، حَتَّى إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم  كَانَ يُجْهِدُ نَفْسَهُ فِي إِرشَادِهِمْ حَتَّى يَبلُغَ ذَلِكَ مِنْهُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ نَفْسِيًّا وَجَسَدِيًّا؛ فَخَفَّـفَ اللهُ عَنْهُ هَذَا العِبْءَ الَّذِي يَحْمِلُهُ فِي سَبِيلِ إِيْمَانِ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ: ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا).

وَعَلَى كَثْرَةِ مَا لَقِيَ  مِنْ أَذَى قَوْمِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ مُوَاصَلَةِ مَسِيرِهِ فِي إِرشَادِهِمْ، وَالسَّعْيِ إِلَى هِدَايَتِهِمْ، بَلْ لَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ؛ فَظَلَّ كَمَا وَصَفَهُ القُرآنُ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، وَإِذَا كَانَ المُشْرِكُونَ قَدْ آذَوْهُ مَادِيًّا فَإِنَّهُ رَفَضَ أَنْ يُؤْذِيَهُمْ لَفْظِيًّا أَوْ يَنْتَقِمَ مِنْهُمْ حَتَّى فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُدْعُ عَلَى المُشْرِكِينَ، فَقَالَ: ((إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً))، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: ((إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ))، بَلْ إِنَّهُ فِي أَحْلَكِ الظُّرُوفِ وَأَقْسَى مَشَاهِدِ الأَذَى الَّذِي نَالَهُ، وَقَدْ صَدَرَ مِنْ قَوْمِهِ مَا صَدَرَ، التَجَأَ إِلَى اللهِ دَاعِيًا: ((اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لا يَعلَمُونَ))،

عباد الله إن  رقي الرسول  ورحمة رسالته  كانت أكثر جلاءا ووضوحا في حسن تعامله مع أعدائه:

فهذا رسول الله  عندما قدم المدينة وضع ميثاقاً في غاية الدقة، وحسن السياسة.

فألف بين سكان المدينة من الأنصار والمهاجرين وجيرانهم من طوائف اليهود وربط بينهم فأصبحوا به كتله واحدة يستطيعون أن يقفوا في وجه كل من يريد أهل المدينة بسوء.

وثبت عن الرسول – – أنه قال لرسولي مسيلمة الكذاب لما قالا عن مسيلمة: إنه رسول الله: (لولا أن الرسل لا تُقتل لقتلتكما).

وقال – -: (من كان بينه وبين قوم عهد فلا يُحلَّن عقداً، ولا يشُدنه حتى أمدُهُ، أو يَنْبِذ إليهم على سواء)

ولما أسرت قريش حذيفة بن اليمان وأباه أطلقوهما، وعاهدوهما أن لا يقاتلاهم مع رسول الله وكانوا خارجين إلى بدر، فقال الرسول – – (انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم)

وفي معركة بدر عندما أسر المسلمون سبعين رجلاً من المشركين قال النبي – لأصحابه: (استوصوا بالأسارى خيراً) فانظر إلى هذا التعامل مع أعداء محاربين يريدون أن يقضوا على الإسلام والمسلمين ويقول للصحابة: (استوصوا بالأسارى خيراً)

وعندما أتى عمير بن وهب المدينة بعد معركة بدر متفقاً مع صفوان بن أمية على أن يتكفل صفوان بدينه وعياله وأن يقتل هو الرسول – صلى الله عليه وسلم -. فعلم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالوحي من عند الله.. فكيف تعامل معه الرسول قربه إليه وقال: أدن يا عمير وأخبره بخبره فأسلم عمير مباشرة.

وأيضا ما فعله فضالة بن عمير بن الملوح أنه فكر في قتل النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يطوف فوضع النبي –  يده على صدره فسكن قلب فضالة وحسن إسلامه.

وَعِنْدَما فَتَحَ مَكَّةَ وَظَفِرَ بِالنَّصْرِ عَلَى مُحَارِبِيهِ وَمُخْرِجِيهِ مِنْ بَلَدِهِ وَأَهلِهِ وَمَالِهِ، وَقَدْ أَصْبَحُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، خَطَبَ النَّاسَ فِي الحَرَمِ المَكِّيِّ وَخَاطَبَ قُرَيشًا فِي خُطْبَتِهِ قَائِلاً: ((يَا مَعشَرَ قُرَيشٍ، مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟)) قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: ((فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ كَمَا قَالَ يُوْسُفُ لإِخْوَتِهِ: ((لا تثريب عليكم اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ)).

 

 

 

 

فضرب بذلك المثل الأعظم في تعامله – – في العفو والصفح والرحمة على مخالفيه  بعد القدرة عليهم والتمكن منهم ، فلم يبطش بهم ولم  يذل عزيز قومهم أو يهين شيخهم أو يسبي نساءهم أو ينكل بهم أو يتمادى في إذلالهم.

بل صفح عنهم ليؤكد  ان رسالته جاءت لنشر القيم الرفيعة في المجتمع ، قيم أساسها  إشاعة رُوح الرفق والعدل بين أبنائه، دون تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الدين أو العِرْق؛ فيقول رسول الله : “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ  والرحمة مع المخطئين والمخالفين ، وهي من أعظم القيم التي يجب أن ينشأ المجتمع المسلم في ظلِّها؛ لأنها تخلُقُ نوعًا من التعامل الرحيم البعيد كل البُعد عن العنف والإرهاب، ثم  قيمة الوسطيَّة والاعتدال، وعدم الغلوِّ في الدين؛ لقول رسول الله : “إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ؛ فَسَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ” فالغلوُّ في الدين باب يقود إلى العنف والسعي إلى إلزام المخالفِ رأيه بالقوَّة.

وأخيرا تأتي قيمة المسالمة بين أبناء المجتمع، هذه القيمة التي ربط فيها النبي  بين أفضليَّة الإنسان عند ربِّه وفي مجتمعه، وبَيَّن مدى مسالمته لأبناء هذا المجتمع، فعن جابر  أنه قال: جاء رجل إلى النبي  فقال: يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ فقال: “مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم.. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ عَلَى نِعَمِهِ الوَاسِعَةِ، وَآلائِهِ الجَامِعَةِ، سُبْحَانَهُ جَعَلَ لأَهْـلِ الرَّحْمَةِ مَنَازِلَ فِي الجِنَانِ، وَوَعَدَهُمُ المَغْفِرَةَ وَالحُسْنَى وَالرِّضْوَانِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، القَائِدُ الأَمِينُ، وَخَيْرُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِينَ، صلى الله عليه  وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ، عِبَادَ اللهِ:

لقد كان  رَسُولُ اللهِ  وسلم رَؤُوفا رحِيما بِالمُؤْمِنِينَ حَرِيصا عَلَى هِدَايَتهم  إلى الطريق المستقيم بالتي هي أحسن  ، كان  يَعفُو وَيَصفَحُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَآذَاهُ، وَيَدْعُو بِالهِدَايَةِ لِمَنْ جَهِلَ عَلَيْهِ، لَيْسَ بِالفَظِّ وَلا بِالغَلِيظِ، وَهَذَا الخُلُقُ العَظِيمُ وَصْفٌ لاَزَمَ رَسُولَ اللهِ  فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، فمَلَك بذلك شغافَ قلوب أعدائه؛ بحُسن خلقه، ولطيف معاملته، حتى دعاهم هذا الخُلقُ العظيم إلى قبول الحق، والدخول في الإسلام، أو كف الشر عن المسلمين في كثير من الأحيان، وهذه مقاصدُ عظيمةٌ للشارع؛ فعن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – قال: قاتَل رسولُ الله – مُحَارِبَ خَصَفَةَ (أي غزوة ذَاتِ الرِّقَاعِ) بنخل، فرأَوْا من المسلمين غِرَّةً، فجاء رجل منهم يقال له: غَوْرَث بن الحارث، حتى قام على رأس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالسيف، فقال: مَن يمنعك مني؟ قال: ((الله))، قال: فسقط السيف مِن يده، فأخذه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال: ((مَن يمنعك؟))، قال: كن خيرَ آخذٍ، قال: ((تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟))، قال: أعاهدك على ألاَّ أقاتلَك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال: فخلَّى رسول الله – – سبيلَه، فجاء إلى قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناس”؛ رواه الحاكم (3/ 29)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، وأصل الحديث في “الصحيحين”.

لَقَدْ جاء   إلى النّاسِ بِدِينٍ تَتَجلَّى الرحمةُ في إِرشَاداتِه وتَوجيهاتِه، فالقولُ والعملُ والسلُوكُ الذي أَمَرَ به الدِّينُ ظاهِرُه وباطِنُه الرَّحمَةُ، فمَنْ حادَ عَنْ هذا الطريقِ غَلُظَ قَلْبُه وقسا، والرسولُ يقولُ: ((إنَّ أبْعدَ النّاسِ مِنَ اللهِ تعالى القلبُ القاسي)). وَمِنْ أسبابِ قسوةِ القلبِ الْشَّغَفُ بِمَلَذَّاتِ الْدُّنْيَا، وَإتْيَانُ الذُّنوبِ صَغِيْرِهَا وَكَبِيْرِهَا، والتكاسُلُ عَنِ القِيَامِ بِالْوَاجِبَاتِ الْدِّيْنِيَّةِ كَالْصَّلاةِ وَأدَائِهَا فِي أوْقَاتِهَا.

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَلْنَبتَعِدْ عنْ أيِّ تصرُّفٍ يَنِمُّ عنِ القَسْوةِ، وَلْنَرْجِعْ إِلَى بُيُوتِنَا وَأُسَرِنَا وَأَعْمَالِنَا، وَفِي أَذْهَانِنَا خُلُقُ الرَّحْمَةِ الَّذِي عَرَفْنَاهُ مِنْ أَخْلاقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  ، وَلْنَسْعَ لِنَجْعَلَ مِنْهُ أُسْوَةً فِي سُلُوكِنَا اليَوْمِيِّ، لِنَحُلَّ أَيَّ مُشْكِلَةٍ تَطْرَأُ فِي حَيَاتِنَا مَعَ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ، وَلْنُجَرِّبْ مُعَالَجَتَهَا بِتَمَثُّـلِ هَذَا الخُلُقِ، نَجِدْ أَنْفُسَنَا فِي حَالِ رِضًا وَطُمَأْنِينَةٍ، وَيَرْضَ النَّاسُ عَنَّا، وَيَسْعَدِ العَالَمُ بِتَعَامُلِهِ مَعَنَا.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الرَّاحِمِينَ المَرْحُومِينَ، وَاجْعَلْنَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ  وَأَخْلاقِهِ مُقْتَدِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ يَقُولُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَيَعْرِفُونَ الحَقَّ فَيَقِفُونَ عِنْدَهُ، وَيَعْمَلُونَ بِمَا يَقُولُونَ.

هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ .

اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَانًا صَادِقًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا خَاشِعًا مُنِيْبًا، وَعَمَلاً صَالِحًا زكيا، وَعِلْمًا نَافِعًا رَافِعًا، وَإِيْمَانًا رَاسِخًا ثَابِتًا، وَيَقِيْنًا صَادِقًا خَالِصًا، وَرِزْقًا حَلاَلاً طَيِّبًا وَاسِعًا، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.

 

اللهم وفق ملك البلاد أمير المؤمنين محمد السادس لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم كن له معينا ونصيرا وأعنه وانصره على أعدائه وأعداء المغرب .

اللهم امدده من عندك بالصحة و العزم و القوة و الشجاعة والحكمة و القدرة و التوفيق لما فيه مصلحة العباد و البلاد و الأمة الإسلامية قاطبة، و اجعله لدينك و لأمتك ناصراً ، و لشريعتك محكماً ..

. اللهمّ إنّا نسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفي أمير المؤمنين  وتلبسه ثوب الصحّة والعافية عاجلاً غير آجل يا أرحم الرّاحمين.. اللهم ، اشفه أنت الشّافي لا شافي إلّا أنت. اللهمّ إنّا نسألك بكل اسمٍ هو لك  يا ربّ الناس ويا مذهب البأس أن تشفيه شفاءً ليس بعده سقما أبداً، اللهمّ خذ بيده، وّ احرسه بعينيك الّتي لا تنام، واكفه بركنك الّذي لا يرام، وأحفظه بعزّك الّذي لا يضام، واكلأه في الليل وفي النّهار، وارحمه بقدرتك عليه، ، يا مجيب دعوة المضطرّين.اللهمّ اشفه وأعده الينا سالما معافى آمين  وأحفظه اللهم في ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بأخيـــــــه المولى رشيد وسائر الأسرة العلوية  المجيدة وأيِّده بالحق وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.

.اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن كافة الصحابة من المهاجرين والأنصار وعن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة،اللهم انفعنا بمحبتهم، ولا تخالف بنا عن نهجهم، يا خير مسؤول ويا خير مأمول..

اللهم ارزقنا الفقه في الدين، والتمسك بالكتاب المبين، والاقتداء بسيد المرسلين، والسير على نهج أسلافنا الصالحين..

عباد الله:

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.

اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.

.اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


مقالات مماثلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *