بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين
جلالة الملك محمد السادس
أدام الله عزكم وخلد في الصالحات ذكركم
السلام على مقامكم العالي المنيف
ورحمته تعالى وبركاته
يتشرف خديم الأعتاب الشريفة، خادم الطريقة البصيرية وخادم أهل الله بزاوية جده الشيخ سيدي إبراهيم البصير، أصالة عن نفسه ونيابة عن كافة أفراد عشيرة آل البصير ومريدي الطريقة البصيرية، وجميع المشاركين في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية من داخل المغرب وخارجه، وبمناسبة اختتام فعالياتها، والتي نظمتها الطريقة البصيرية تحت رعايتكم السامية، والتي خلدت هذه السنة الذكرى السادسة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير، وذلك يومي 18-19 شعبان 1437هـ موافق لـ 25-26 ماي 2016م، بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني اعياط، إقليم أزيلال، بشعار:
” نظرات في دلالات مرور مائة سنة على وجود زاوية آل البصير الصحراوية في بني عياط بأزيلال “،
مولاي أمير المؤمنين،
إن العلماء والشيوخ والأكاديميين والباحثين المشاركين في هذه الندوة العلمية الدولية، ناقشوا على مدى يومين كاملين وخلال أربع جلسات علمية، محاور عدة، اتصلت بصاحب الذكرى المجاهد سيدي محمد بصير وجديد قضية اختفائه القسري، الذي تعرض له وهو يقاوم الاستعمار الإسباني قبل ستة وأربعين سنة، وتاريخ زاوية والده الشيخ سيدي إبراهيم البصير الصحراوية، منذ انطلاقتها الأولى من الصحراء المغربية قبل حوالي مائتين وسبعين سنة، واستقرارها بجبال الأطلس المتوسط، والتي تم الاحتفال بذكراها المائوية، وتناولت مداخلات أخرى قضايا التصوف بالمغرب ودوره في ترسيخ الثوابت الوطنية، وتم إشراك العديد من الزوايا والطرق الصوفية في أنحاء العالم، للاطلاع على تاريخها والاستفادة من تجربتها وأدوارها القديمة والجديدة، حيث تم رصد أهم الأعمال والأدوار التي تؤديها وطرق اشتغالها في مجتمعاتها، كما تم بيان الارتباط الروحي الحقيقي للطرق الصوفية العالمية بالطرق الصوفية للمملكة المغربية، وارتباط هذه الأخيرة بشيوخ المغرب وسندهم الصوفي.
سيدي أعزكم الله،
وقد تم تنوير الحاضرين بإعطاء نظرة متكاملة عن تاريخ زاوية آل البصير الصحراوية، والوقوف عند أهم دلالات تنقلاتها من الصحراء المغربية إلى الجبال الأطلسية بأزيلال، والمتلخصة في كونها تعد اليوم نموذجا للزاوية المغربية الوحدوية، ودليلا قويا على ارتباط شمال المغرب بجنوبه، ومثالا لتعايش المكون الصحراوي والأمازيغي والعربي في سوس وأزيلال في اتحاد واندماج تام دائما وأبدا عبر العصور، في هذا الوطن الواحد، علاوة على التذكير بمواقف وفائها في حبها لوطنها وملوكها، وإخلاصها في القيام بمهامها وحرصها على تصدير الخير والنفع لفائدة أبناء المجتمع المغربي، أضف إلى ذلك الإشادة بتدينها الوسطي المعتدل والمنفتح، والمعتمد على التسامح، وتمثيلها للتصوف السني العلمي العملي خير تمثيل على الدوام، مما يجعل منها مثالا يحتدى للزوايا الفاعلة التي تعمل على ترسيخ الثوابت المغربية، والدفاع عنها بكل تفان.
مولاي أمير المؤمنين،
لقد تعاهد المنظمون والمشاركون والحاضرون لهذه الندوة العلمية الدولية، على ضرورة السير على خطى ومنهج وقناعات واختيارات سلفنا الصحراويين الوطنيين، في ارتباطهم المتين بمغربيتهم والدفاع عن حوزة وطنهم، والتعريف بالتاريخ الحقيقي للصحراء المغربية، واعتماد الحجة والدليل والبرهان في فضح الافتراءات التاريخية لقادة البوليزاريو ومن يسيرهم بالجزائر، الذين سعوا إلى تزوير تاريخ صحرائنا وترسيخه في أذهان الجيل الصاعد، ومواصلة التواصل مع إخواننا وأبناء عمومتنا الصحراويين في تندوف بالحسنى والحكمة، حتى يقتنعوا ويراجعوا أنفسهم ويعودوا إلى الصواب في قضية هذا النزاع المفتعل.
وثمن الحاضرون بقوة رعايتكم السامية لذكرى المقاوم الوطني سيدي محمد بصير، التي عرفت به وبقضيته على أكثر من صعيد، ومتابعتكم لتفاصيل قضية اختفائه القسري عن كثب، ودعمكم لعشيرة آل البصير، التي لا تزال تتابع قضية فقيدها بجدية مع بعض أصدقاء الزاوية البصيرية في البرلمانات الأوربية، ولم يفت المشاركين مباركة خطوات جلالتكم المباركة الناجحة ومواقفكم الحكيمة الحازمة، وديبلوماسيتكم الفعلية التي اتخذتموها لإيقاف مخططات الأعداء المتعددة، وكسب الرهان على أكثر من صعيد.
مولاي أمير المؤمنين،
لقد كانت وما تزال القضية الوطنية الكبرى، أهم ما استأثر ويستأثر باهتمام العلماء والشيوخ وكافة الحضور والمشاركين، الذين نوهوا بمنهجكم الذكي الحكيم في التعامل مع مستجداتها، وانفتاحكم على كل الاقتراحات البناءة الرامية إلى إيجاد الحل النهائي لها، في إطار سيادة المملكة الكاملة والدائمة، ووحدتها الوطنية المتلاحمة التي لا تفريط فيها، ووحدتها الترابية غير القابلة للتجزئة، ويباركون في الوقت نفسه مختلف زياراتكم الميمونة لأقاليمنا الجنوبية، ويهنئونكم على المشاريع الرائدة التي أطلقتموها بهذه الجهات، التي منحتموها الصدارة في تنزيل الجهوية المتقدمة ببلادنا.
مولاي أمير المؤمنين، إن العلماء وكافة المشاركين في الملتقى، ومن منطلق وعيهم بالتحديات الكبرى التي تستهدف الوطن في وحدته، وفي تماسك مكوناته ليؤكدون تعبئتهم الكاملة وراء سديد نظركم لتقوية معاني الترابط التي تجمع المغاربة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وراء ولي أمرهم ضامن اجتماعهم ورمز وحدتهم، اصطفافا يرونه جزءا من مقتضيات البيعة التي تجمعهم بكم، ويعتزون بقيادة جلالتكم الرشيدة، ويعاهدون الله ويعاهدونكم على السير وراء جلالتكم بكل حزم وعزم، ويباركون كل ما ترسمونه من سبل لخدمة هذا الدين الحنيف، وما تضعونه من خطط لبناء هذه الأمة ووحدتها ورقيها، معتبرين أنفسهم جنودا مجندين لخدمة الأهداف الكبرى التي تعملون لتحقيقها، كما يعتزون أيما اعتزاز بما حققتموه لهذه الأمة من بناء أمنها واستقرارها، وما وضعتموه من خطط لرقيها وازدهارها.
حفظ الله مولانا الإمام بما حفظ به الذكر الحكيم، ونصره نصرا عزيزا مؤبدا، وأدامه في صحة وعافية شاملة، حاميا للملة والدين، وأقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وأنبته نباتا حسنا في عز والده ورفعته، وشد أزر جلالته بشقيقه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير المولى رشيد، وباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
وأمطر اللهم شآبيب الرحمة والغفران على روح الملكين العظيمين صاحب الجلالة الملك محمد الخامس ورفيقه في الكفاح جلالة الملك الحسن الثاني، واجعلهما في مقعد صدق مع من أنعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، إنه سميع مجيب.
والسلام على المقام العالي بالله ورحمته وبركاته.
وحرر بأزيلال يومه الخميس 19 شعبان 1437هـ موافق 26 ماي 2016م
خديم الأعتاب الشريفة
شيخ الطريقة البصيرية
اسماعيل بصير