البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة مولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، سبط النبي الكريم
جلالة الملك محمد السادس أدام الله عزكم وخلد في الصالحات ذكركم،
السلام على مقامكم العالي المنيف ورحمته تعالى وبركاته.
وبعد،
يتشرف خديم الأعتاب الشريفة،خادم الطريقة البصيرية وخادم أهل الله بزاوية جده الشيخ سيدي إبراهيم البصير، أصالة عن نفسه ونيابة عن كافة أفراد عشيرة آل البصير ومريدي الطريقة البصيرية، وجميع المشاركين في أعمال هذه الندوة العلمية الدولية، أن يرفعوا إلى مقامكم السامي الرفيع أسمى عبارات الطاعة والولاء، وأصدق آيات الإخلاص والوفاء، بمناسبة اختتام أشغال الندوة العلمية الدولية التي خلدت الذكرى الثالثة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير التاريخية بالعيون سنة 1970م، والتي انعقدت هذه السنة يومي 8-9 شعبان 1434هـ الموافق لـ 17-18 يونيه 2013م، بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير ببني اعياط،إقليم أزيلال، تحت شعار: «حقوق الإنسان بين الحقيقة والاستغلال».
وقد استحضر العلماء والأساتذة والأكاديميون والحقوقيون ومناضلو المجتمع المدني وفاعليه، المغاربة منهم والأجانب، الذين قدموا من بلدان عديدة وبقاع مختلفة ضمت علماء من العالم العربي والإسلامي والغربي، وهم يخلدون هذه الذكرى الغالية، استحضروا المعنى الحقيقي لحقوق الإنسان في الإسلام وفي مختلف النظم الكونية، وميزوا بين المنافحين الحقيقيين عن حقوق الإنسان، وغيرهم من الذين يستغلون نبل هذه القضية لبث الشائعات والأباطيل، وتعمد الكذب لإثارة الفتنة في المجتمعات، وتوقفوا بشكل كبير عند الانتهاكات الأولى لحقوق الإنسان في الصحراء المغربية، المرتكبة من قبل السلطات الاستعمارية آنذاك.
مولاي أعزك الله،
وفي طليعة هذه الانتهاكات، نجد حالة المحتفى به سيدي محمد بصير صاحب الذكرى، الذي قاد انتفاضة السابع عشر من يونيه عام 1970م، بغية إفشال مخططات المستعمر الإسباني في الصحراء المغربية، التي قبضت عليه وألقته في غياهب السجن وأذاقته شتى أصناف العذاب والآلام، وناله الاختفاء القسري منذ تلك الأيام، فقضية هذا الفقيد تعد واحدة من القضايا الأولى التي انتهكت فيها حقوق الإنسان في الصحراء المغربية من قبل إسبانيا، التي تعمدت إخفاءه وعدم الكشف عن مصيره.
أما بخصوص مستجدات قضيته، فإنه يسعدنا أن نخبر جلالتكم، بأن عائلة آل البصير، ستعمل على رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية ضد إسبانيا، التي لازالت تتعامل مع هذا الملف بتجاهل واستخفاف كبيرين، وذلك بالاستعانة بلفيف من المحامين المغاربة وغيرهم، وكل المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية للمطالبة والضغط أكثر للكشف عن مصير فقيد الوطن الذي اختفى في ظروف غامضة منذ حوالي ثلاثة وأربعين سنة.
مولاي أمير المؤمنين،
لقد كشف العديد من الباحثين بهتان وكذب البوليزاريو التي تدعي أن «الفقيد» سيدي محمد بصير رائدها الأول في التنظير للانفصال لكيانها المزعوم، وهي لم تقدم أي دليل ملموس على هذه المزاعم، كما أنها لم تكلف نفسها يوما طيلة هذه المدة مساءلة إسبانيا للكشف عن مصيره أو جعله أولوية من أولوياتها، مما يدحض ادعاءات خصوم وحدة المغرب الترابية، وكل من يقف وراءهم لتبني نضال هذا المقاوم وإلباسه زورا وبهتانا النزعة الانفصالية.
كما عمل العديد من المتدخلين خلال هذه الندوة المباركة على فضح انتهاكات البوليزاريو الفعلية والملموسة لحقوق الإنسان، وقدموا شهادات حية على ما وقع سابقا ويقع حاليا في تندوف، وكشفوا مخططاتهم التي يعملون على تنفيذها في أقاليمنا الجنوبية مع سبق الإصرار والترصد، عاملين على استغلال القاصرين والنساء والشباب المغرر بهم، لإيهام الدول الغربية بأن المملكة المغربية من أولى الدول المنتهكة لحقوق الإنسان.
مولاي أمير المؤمنين.
إننا اليوم وباختتام أعمال هذه الندوة العلمية الدولية، غدونا جد مقتنعين بالأدوار الطلائعية التي تقومون بها في مملكتكم الشريفة عبر تكريس مبادئ حقوق الإنسان إرساء لدولة الحق والقانون، وكذا ما أطلقتموه من مشاريع رائدة تروم استعادة الذاكرة وترميمها درءا لأعطاب الماضي، وإنشائكم لهيئة الإنصاف والمصالحة، وما أصدرته من توصيات هامة، حيث شملها جلالتكم نصره الله، بعناية فائقة، وأمر بنشرها وتعميمها وتنفيذها، وكذا حرصكم ومتابعتكم لأعمال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومبادرتكم التاريخية في تعديل الدستور المغربي، الذي أشركتم فيه كافة مكونات شعبكم الوفي،كل ذلك كاف لنقول للعالم بأن المملكة المغربية تعد اليوم واحدة من الدول التي تنشد الديموقراطية، وتعمل جاهدة على ضمان حقوق الإنسان وحريات الأفراد لكافة مكونات أفرادها، وتنشد السلام على الدوام، وتبذل المحبة للجميع، همها الوحيد إسعاد الإنسان أينما كان وكيفما كان، وتبتغي التعاون والتآزر والاتحاد لمجابهة مختلف التحديات القائمة والمنتظرة.
مولاي أمير المؤمنين.
إننا يوما بعد يوم، وباعتبارنا مواطنين مغاربة ومكونا من مكونات شعبكم الوفي، لا تزيدنا الأيام تحت حكمكم الزاهر إلا تعلقا بشخص جلالتكم المباركة ومحبة لجنابكم الشريف، وتشبثا بأهذاب عرشكم المجيد، وذلك لما وفقكم المولى العظيم لتحقيقه من رخاء وازدهار واستقرار وأمن وطمأنينة، لصالح شعبكم الوفي.
حفظكم الله يامولاي بما حفظ به الذكر الحكيم، وأبقاكم ذخرا وملاذا للملة و الدين، وحفظكم في ولي عهدكم صاحب السمو الملكي المحبوب المولى الحسن، وأنبته نباتا حسنا، وشد أزركم بشقيقكم المولى الرشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وأمطر شآبيب الرحمة والرضوان على فقيدي العروبة والإسلام صاحب الجلالة الملك محمد الخامس وصاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، وأنزلهما منازل الأبرار مع المصطفين الأخيار وحسن أولئك رفيقا.
والسلام على المقام العالي بالله ورحمة الله تعالى وبركاته.
إمضاء:
إسماعيل بصير
خديم الأعتاب الشريفة خادم الطريقة البصيرية .
وحرر بإقليم أزيلال في يوم
الثلاثاء 9شعبان 1434هـ الموافق لـ 18يونيو 2013م.